شوقي الشايب
دخلت الغابة يوما فاعترضني ملف صغير، فتحته فوجدت فيه أطوار قضية فساد غراب السوس.
هذا الغراب كان يوما وزيرا لدى أسد بني يقضان، وانتقل من حزب القوارض وأحزاب الطيور، وارتكز جميع أغصان الأشجار وافترش كل لحاف الأوراق عله يسند ظهره طمعا في كرسي السلطان أو حماية له من أسهم الصياد.
وبعد طول عناء وسنوات رخاء، جعل المهرب من فك قضبان الأسر وسلطة القانون أن يحيل قطع الجبن لمنقار أخته الغرابة، فاخته عمياء صماء وأهم ميزة فيها أنها خرساء. فكما جاء في الأثر عند المقفع من قصة الثعلب المكار والغراب الطيب، أن الثعلب سأل الغراب ما في فمك أيها الغراب؟، فسقطت قطعة الجبن حينما نطق المسكين. أما غرابنا هذا فبذكاىه استبق الأثر وجعل الجبن في فم الخرساء فإن سألها يوما الثعلب المكار أو القاضي المختار فلن تجيب.
وجبن حكايتنا كثير من المليارات من المال العام، وأما أطوار قضيتنا فهي في زمن الغفلة وسنوات التصويت، وأما غرابنا المكار فهو اليوم غراب ولا نعلم متى يصيح الديك ليعلن لكل من في الغابة عن إسمه وصفته ولونه.
وهابابا هابا كل عام تجينا صابه، وحتى طلوع الفجر وبزوغ الصباح ها نحن في انتظار أحداث جديدة لنستكمل حكايتنا ونستأنس بنوادر غربان ضيعتنا.
هل أتاك حديث غراب السوس ؟

شوقي الشايب