المعتز بالله غانم
نفذت السلطات المصرية، حكم الإعدام شنقا في ثلاثة من رافضي الانقلاب، الخميس، بعد اتهامهم بمقتل نجل قاض عام 2014، رغم دعوات بكيدية الاتهامات.
- أقارب الشباب الثلاثة في دلتا مصر نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي الأنباء عن تنفيذ حكم الإعدام بحق الشباب دون إخبار ذويهم مسبقا ليتسنى لهم زيارتهم للمرة الأخيرة.
- الشباب الثلاثة هم أحمد ماهر الهنداوي طالب بكلية الهندسة، والمعتز بالله غانم، طالب بكلية التجارة، وعبد الحميد عبد الفتاح متولي صاحب شركة كمبيوتر.
- النيابة العامة المصرية كانت وجهت لهم تهما عدة، منها قتل نجل رئيس محكمة بالمنصورة، والانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف القانون، لكن هيئة الدفاع، قالت أكثر من مرة في دفاعها أمام المحكمة، إن الاتهامات باطلة وملفقة، وإن القضية محض سياسية.
رسالة من ”معتز بالله غانم” الطالب بالفرقة الثانية كلية التجارة جامعة المنصورة، والمعتقل بسجن ميت سلسيل، يروي فيها تفاصيل اعتقاله وتعذيبه على أيدي قوات الأمن، حيث قال أن قوات الأمن قامت باعتقاله اعتقالا تعسفيا من منزله في أكتوبر 2014، حيث تم اقتياده إلى قسم أول المنصورة، وتقييده وتعصيب عينيه واستجوابه عن قتل نجل المستشار ”محمود السيد المرلي”، وعندما أنكر صلته بالحادث تم تعذيبه بالصعق بالكهرباء والضرب المبرح لإجباره على الإعتراف، كما يذكر الطالب أيضا أن الضباط : ”شريف أبو النجا” رئيس مباحث قسم أول، ”محمد هيت”، و”محمد السعيد عبد الهادي” كانوا يشرفون على عملية تعذيبه، وعندما تأكدوا من عدم معرفته بأي شيئ يخص حادث الاغتيال، طلبوا منه الأعتراف على عدد من الأشخاص الذين قاموا بكتابة أسمائهم في ورقه وطلبوا منه ذكرها أمام النيابة، وهددوه بإيذاء أفراد أسرته إذا لم يعترف بتورط هؤلاء الأشخاص في الحادث. كما ورد إلينا أنه في انتهاك آخر بحق الطالب أنه تم عرضه أثناء مدة إخفائه على “نيابة وهمية” وإقناعه بــ تسجيل شهادة تفيد تعذيبه والانتهاكات التي تعرض لها لــ يتبين فيما بعد أن شهادته لم تُسجل وأن هذا لم يكن سوى وسيلة ليتعرض الطالب لمزيد من التعذيب مرّة اخرى، وأردف الطالب أنه عندنا تم عرضه على النيابة فيما بعد برئاسة المستشار ”وائل المهدي” الذي قام باستجواب الطالب متجاهلا آثار التعذيب التي بدت عليه، وعندما أنكر علاقته بالقضية، قام المستشار بالاتصال بالضابط ”شريف أبو النجا” لتهديد الطالب مما أدي إلى اعترافه بأعمال لم يرتكبها جاء على إثر ذلك قرار النيابة بحبسه خمسة عشر يوما على ذمة التحقيقات، ومن ثم ترحيله إلى سجن ميت سلسيل، جاء ذلك انتهاك لكافة المواثيق والقوانين الدولية التي تجرم تعرض أي شخص للتعذيب أو الانتهاك أثناء اعتقاله أو إجباره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها.
رسالة كتبها المعتز بالله غانم قبل تنفيذ حكم الإعدام
في اليوم الأول في زنزانة الانفرادي “ربع الإعدام” اجتاحت نفسى حالة من الهدوء والسكينة.. حتى أنني نمت كما لم أنم من قبل.
أحسست أن ثقل الحياة قد انزاح عن كاهلي.. وكأن عقلي وفكري قد استراح أخير ا من كثرة التفكير.
حاولت جاهدا أن أفكر عبثا.. كيف هي أمي.. كيف حالها، أخي وأختاي وصغاري الرائعين.. فلم أستطع إلا أن أراهم مبتسمين يلهون.. حاولت أن أقلق عليهم.. فلم أستطع، أدركت أننا نتكلف الهموم أحيانا ونتصنع العناء.
فوجدت أن تلك السكينة التي ملكتني ولا حيلة لي فيها.. بل هي فضل من الله.. ربما ليست إلا دعوة منها أصابت وقت إجابة.. فقلت لنفسي إذا كان هذا حال قلبي وقد أصابتني دعوتها.. فكيف حالي القلب الذى دعي.
حاولت جاهدا أن أفكر في رفاقي.. فلم أشعر أنى فارقتهم.. فهذه القلوب أحبتني وأحببتها ومازالت تنبض بمزيد من الحب.. هذه القلوب التي أهتمت لأمرى أكثر من نفسى.. كيف أحزن عليهم أو أقلق وقد سمعت قول رسول الله “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان.. أن يحب المرء لا يحبه إلا لله” وسمعته أيضا يقول (سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله.. رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه”.
فالقلوب التى ذاقت حلاوة الإيمان والأرواح التى ستستظل فى ظل العرش بإذن الله أيحجبها جدار أو قضبان.
أحبائى هنا تكون الروح أكثر شفافية وإشراقا.. أولئك السجانين الذين يحومون طوال الليل يظنون انهم يحرسوننا حتى لا نؤذى أنفسنا.. عبثا يفعلون ..ألا يعلمون أنها أسمى أمانينا.. ألا يعلمون أنهم هم المحتجزون.. أما نحن فقد من الله علينا ودخلنا إلى فضاءات متسعة وعوالم مشرقة.
هناك على أول الممر المؤدى للزنازين الانفرادية التى يقبع فيها إخوانكم المحكوم عليهم بالحياة الحقيقية بعيدا عن ذلك الزيف الذى بالخارج.. على أول هذا الممر.. باب حديدى متين مكتوب عليه “شديد الحراسة”.. لما رأيتها ابتسمت بشدة، وتذكرت قول الله عز وجل “وأنا لمسنا السماء فوجدنها ملئت حرسا شديدا وشهبا” فعلمت ان الله قد أراد لنا الخير .
نحن فى حراسة مشددة من الزيف الذى تضج الحياة هذا الانفراد كان باب للأنبياء يدلفون منه الى السماء.. حيث كان هناك فى الغار محمد “صلى الله عليه وسلم” وحيدا ومن قبله “الخليل” إبراهيم فى جوف الظلام مقلبا النظر الى السماء، وهذا موسى “عليه السلام” فى عمق سيناء عند جبل الطور يبحث عن قبس النور.
نحن فى حراسة مشددة عن كل ما يشوش النفس ويدنس الروح، هنا تعاد صياغة النفس وتبنى الروح من جديد.
أما نحن فقد ساقنا الله رغما عنا إلى هنا.. ربما لأن نفوسنا وأرواحنا أضعف أو أسوء، أما أنتم فلكم الاختيار.
لا تقفوا كثيرا على الاعتاب.. استعينوا بالله وادخلوا.
هذا رمضان.. اجعلوا فيه على قلوبكم حراسة مشددة شيدوا حصونكم واحكموا المراقبة، فالقرآن روح لابد أن تسرى أجسادنا لنحيا بحق، ونورا نستضئ به فى ظلمات الفتن.
ولا ننسى القيام “أن ناشئة الليل هى أشد وطئا وأقوم قيلا” “وفى الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا” واحرصوا أحبابي على أن يكون لكم ذكر فى الملأ الأعلى تعرفون به بين أهل السماء.
أعيدوا صياغة أنفسكم، وأحسنوا بناء أرواحكم، فإنما يعدكم الله لأمر عظيم.. ميدانكم الأول أنفسكم، فإذا قدرتم عليها.. كنتم على ما سواها أقدر.
لا تقفوا على الأعتاب.. استعينوا بالله وادخلوا.
المعتز بالله غانم
الحبس الانفرادي.. ربع الإعدام.