شكري بن عيسى
مريع جدا ما نشره راشد الخياري على موقع “الصدى” البارحة حول مركز أطفال ايواء الأطفال الذين تم نقلهم من “المدرسة القرآنية” بالرقاب، قرأت بعض المنشورات التي اعترضتني البارحة حول حصول الموقع المذكور على معطيات صادمة في الصدد، ولكنني لم أكن أصدّق أنّ الأمر بهذه الفظاعة والهول، فما حدث بالفعل يهزّ كل الدولة، وتنهار معه كل قيم الجمهورية والمواطنة والاخلاق.
كنّا ولازلنا نعتبر “المدرسة القرآنية” بالرقاب شكل عشوائي مهين لكرامة الأطفال ومحطّ للتعليم والتربية وحتى للاسلام ذاته، ولكن لم نكن نتصوّر أنّ المركز الذي تم نقل الأطفال اليه في حمام الانف، سيكشف لنا كلّ تلك الجرائم في دولة تدعي محاربة المروق على القانون وقيم الدستور، فاذا بها حسب ما ورد في الفيديو بأدواتها ومؤسساتها كرّست ما هو أشنع وأكثر وحشية.
فالدولة عليها واجب رعاية وحماية الطفولة واحترام القانون وانفاذه كما عليها واجب ترسيخ قيم الدستور، وهذا من منطلق مشروعيتها وشرعية وجودها، بل أساس استمرارها وتواصلها، ووحشية ما شاهدناه في الفيديو تثبت أننا خارج نواميس وأسس الدولة، بل في حضرة وحشية الطبيعة، حيث كان الانسان ذئب لأخيه الانسان، بل وزيادة الدولة تتواطؤ وتهادن وتظهر بمظهر المحرّض.
والسقوط يبدو مدويّا لأنّ ما حدث يأتي في سياق عملية استعراضية هوليودية ظهرت الدولة “غاضبة” منها، ولأنّها أيضا تأتي على أنقاضها، باعتبار أنّ هذا المركز على حدّ ما أورده الخياري تم تشريد الأطفال من فاقدي السند الذين كانوا بداخله (عددهم 74)، ونزع اللافتة التي تحمل تسميته الحقيقة واعداده لايواء أطفال الرقاب، والأمر بالفعل لا يكاد يصدّق لولا الفيديو الذي تسرد فيه الوقائع أم وأب طفلين بالمركز تم الالقاء بهما في الشارع، والواقعة المدويّة حول حصول حالة اغتصاب لطفل داخل مركز الطفولة.
وشهادة الأم وأخ الطفل حول الأمر والخروقات القانونية والجرائم المريعة، من القبح والقذارة ما تنهار معه الجبال الرواسي، والأمر يحدث هذه المرّة على مرأى ومسمع من الدّولة وفي مركزها، والاختلاط (بين الاعمار) الذي ظهرت الدولة مستنكرة له في الرقاب، بدا انها لا تعترض عليه بمراكزها، والاجرام والاعتداءات الجنسية على الطفولة ظهر أنه يحصل في مؤسساتها.
والكارثة أكبر وأشنع مما حدث في الرقاب بآلاف المرات، وان صدقت بعد التحري القضائي، ونحن نرفع بهذه المناسبة الأمر للنيابة العمومية لفتح تحقيق فوري، فهو لا يستوجب فقط اقالة معتمد ووالي، بل يفرض محاسبة الحكومة برمتها واقالتها، فليس القانون والدستور ما تم دوسه فحسب، بل القيم الانسانية تسقط بالضربة القاضية، لدولة يتضح أنها فقدت ضميرها كلّه!!
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.