الإمارات وزيادة الإحتقان بأغلب شعوب المنطقة

أنور الغربي
جاءت زيارة بابا الفاتيكان لدولة الامارات العربية المتحدة لتسلط الأضواء مجددا على الأدوار التي لعبتها -ولاتزال- قيادة البلاد خلال السنوات العشر الماضية في توتير المنطقة وزيادة الاحتقان والفوضى مع تباعد يزداد اتساعا بين الحكام المستبدين وأغلب شعوب المنطقة.
جميل أن يتحدث الاعلام الاماراتي ومسؤولو البلاد والمنظمات الملحقة سواء في الداخل أو الخارج عن التسامح وحوارات الأديان والتعايش السلمي وحبذا لو يطبق جزء من هذا التسامح على المواطنين والمقيمين في الداخل وأن يشمل هذا التسامح الشعوب العربية والاسلامية ان أمكن طبعا.
فبضل السياسة المتبعة التي يعتبرها كثيرون متهورة وغير عقلانية، أصبح المواطن الاماراتي محل شبهة وتتبع أينما حل وأصبح اسم الدولة في الاعلام غير الموجه أو في الدوائر السياسية الغربية مرتبطا بالفساد والرشوة والجوسسة.
ورغم أن أغلب البلدان التي تريد أن تؤثر في توجيه السياسات، لها أذرع جمعياتية أو مخابرتاية أو مجموعات ضغط مختلفة، إلا أن ما لحق بصورة دولة الإمارات سواء من خلال سلوك قيادتها أو من خلال جهود خصومها، أصبح لا يخفى على أحد. وتكفي إطلالة سريعة من حولنا في أوروبا، لنتبين حجم الدمار الذي لحق بسمعة البلاد خلال السنوات القليلة الماضية.
وحاليا ما زال رئيس حكومة جينيف يعاني من العزلة التامة بسبب زيارة أداها إلى الإمارات في عام 2015، فقد جرد الرجل من أغلب صلوحياته وترفض قيادة الإدارات الخدمية التي بقيت تحت إشرافه التعامل معه وهو تقريبا بدون أي صلوحيات بعدما تخلى عنه الجميع. وأصبحت لعنة الامارات تتابعه ويتندر بها الساسة حتى من داخل حزبه. وتجري الآن مراجعة العقود والصفقات المرتبطة بالامارات.
ويكافح رئيس الوزراء بريطانيا الأسبق توني بلار من أجل الافلات من المتابعات القضائية في الداخل والخارج بسبب دوره في تدمير العراق وبينت عديد التقارير الدور الذي لعبه كمستشار لمحمد بن زايد في إضعاف الاقتصاد المصري وإلحاقه بالكامل بمنظومة المساعدات الدولية ورهن القرار السيادي لأكبر دولة عربية بيد المانحين واللوبيات.
أما في اسبانيا، فان الكثيرين يذكّرون بضعف تأثير بلادهم في شمال افريقيا وتضرر سمعتهم بسبب “بارناردينو” المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا الذي بينت التقارير بأنه كان ينسق مواقفه مع القيادة الإماراتية التي أصبح يعمل لديها فيما بعد.
وفي فرنسا وايطاليا والمانيا والنمسا والنرويج، يعاني الكثير من “النشطاء” والعاملون في المجال الجمعياتي الموجه من الملاحقات القضائية بسبب غياب الشفافية والتهرب الضريبي لعدد من العاملين في النشاط الجمعياتي الذي يتبع جزء هام منه دولة الامارات. كما بدا واضحا الدعم المقدم لأحزاب وجمعيات يمينية متطرفة ترفض التعايش المشترك والتسامح مع الآخر.
ورغم كل ذلك، فإننا نجدد حرصنا ورغبتنا في رؤية بلداننا العربية منفتحة ومزدهرة ومتألقة ونتألم لمشاهد الخراب والفقر والجهل التي تسبب فيها بعض القادة وناسف لأن البعض جعل من منظومة القيم والاخلاق سلعة يتاجر بها وتؤلمنا أكثر مشاهد الابتزاز للقادة العرب لاستنزاف ثروات الأجيال ورهن سيادة الأوطان وحقوق الناس. وكلنا أمل في أن يسارع المسؤولون الإماراتيون إلى تدارك الوضع والعمل على تطبيق مبادئ التسامح مع مكونات الشعب الاماراتي في الداخل ومعالجة ملفات الجاليات قبل أن تصبح ورقات ضغط لدى القوى الكبرى. ومن المهم أن تشعر الشعوب العربية والاسلامية بأنها في مأمن في أوطانها وأن حريتها ليست سلعة يتم المزايدة عليها.
كما أن الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة وأهل القدس المرابطون الرافضون لبيع أراضيهم والشعوب في تركيا واندونيسيا وماليزيا والشعب العربي في مجمله والجاليات المسلمة في الغرب بانتظار فعل حقيقي يعيد لهم الثقة بأهل الإمارات وقيادته ويرجع الامل في العيش المشترك والتسامح الذي ينشده كل إنسان سوي.

Exit mobile version