شباب الجهات المهمشة… والإستثمار !!!

صالح التقاز
الإعتماد على الإقتصاد الريعي هو من آفات الإقتصاد في تونس التي جعلته لا يتطور.
من المعلوم أن الإستثمار المفيد للمستثمر والمجموعة الوطنية هو الذي يكون في مشاريع متوسطة أو كبيرة ذات تشغيلية عالية ونوعية منفتحة على السوق الداخلية والخارجية قادرة على التوسع العمودي وذلك بتطورها الهيكلي والإنتاجي والتوسع الأفقي بإحداث مجالات إسناد متعددة تكون هي كذلك مشاريع إستثمارية مفيدة.
هذا النوع من المشاريع هو الأفضل والمطلوب الذي يجب السعي نحوه وتسهيل إجراءات بعثه وتشجيعه بكل الوسائل لما يعود به من نفع إقتصادي ومالي وإجتماعي وحتى سياسي ليس للمستثمر فقط ولكن كذلك للجهة التي إحتظنته والدولة التي يسرت له مجالات النشاط والتطور.
إن الإهتمام المتزايد فرديا ومؤسساتيا بالإقتصاد الريعي وتحفيزه والإهتمام به، سيما الإعلامي سوف لن يساعدنا على الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تعيشها بلادنا والتي تشكل خطرا محدقا يستهدف سيادتنا الوطنية وأمننا الغذائي واقتصادنا الوطني.
إن الشباب المتحفز للإستثمار والإستقرار في وطنه وجهته يعد مكسبا وطنيا مهما من شأنه أن يشكل ثورة حقيقية على ثقافة التواكل والإعتماد على الآخر سواء كان الآخر الدولة أو العائلة مما يضع على عاتق كل مسؤول واجب حسن التفاعل والتوجيه نحو الإستثمار المفيد للمستثمر وللإقتصاد.
رأس المال جبان كما يقال وما لم يجد صاحبه الدعم القوي والصادق للتوجيه حسب ما يقتضيه نسيج الجهة الإقتصادي (بنية تحتية، موارد بشرية، موارد طبيعية، معطيات ديمغرافية، الخ…) وحاجياتها المختلفة على المدى المتوسط والبعيد فإنه، المستثمر، لن يكلف نفسه عناء البحث وسوف يلجأ لمشروع ريعي يستفيد منه مباشرة لا يهمه إلا المحافظة على رأس ماله وتوفير ربح يضمن له عيشا كريما عادة ما يكون متوسطا بعيدا عن كل طموح.
لا يخفى على أحد أن إمكانيات الشباب الذاتية والبنكية محدودة جدا مما يجعلها عرضة “لهوى الريع” فالشاب الذي يتخذ قرار خوض تجربة الإستثمار الخاص مطالب بتوفير جزء من مبلغ الإستثمار كي يحصل على الباقي من البنوك المخصصة لذلك وبمجرد عمليه منطقية فإن المبلغ الجملي لن يكون مهما جدا لبساطة التمويل الذاتي ولذلك فالإهتمام لن يتجاوز تلك المشاريع الصغرى جدا التي تحيط بها المخاطر من كل جانب والتي لن تزيدها البيئة الإقتصادية إلا هشاشة على هشاشتها.
إن قوانين حركة الأجسام توكد أن الجسم الذي لا يتحرك لا يمكن أن ينتج أو يكتسب قوة ولا يتجاوز مرحلة الحركة في حين أن الأجسام المتفاعلة بعضها ببعض تتحول إلى قوة تتجاوز الحركة باستطاعتها عكس جاذبيته رغم قوتها.
إن الإستلهام من هذا القانون الطبيعي يساعدنا على الخروج من عنق زجاجة قلة الإمكانيات التي تدفعنا للريع (الجبن، السكون) كي نلج محيط الإستثمار المنتج للثروة والقيمة المضافة في كل المجالات.
كيف ذلك؟
لقد حدد المخطط الخماسي 2016-2020 لكل جهة من جهات الجمهورية حاجياتها ومواردها وإمكانياتها كما أشار إلى أهم المؤشرات الإقتصادية، قويها وضعبفها معددا الفرص السانحة وكيفية التعامل معها للتطوير والتجاوز.
إن هذا الكم الهائل من المعطيات الواردة في هذا المخطط يمكن أن تكون وثيقة عمل روساء البلديات والمعتمدين والولاة لتوجيه الشباب نحو المشاريع الهادفة إقتصاديا والمثمرة ماليا واجتماعيا وذلك بتجميع الإمكانيات المحدودة لكل شاب مستثمر حتى تصبح إمكانيات كبيرة وقوية تؤسس بها مجامع أو شركات تجارية تتجاوز عقدة الضعف والسكون وتنتقل إلى مرحلة القوة والإقلاع نحو إقتصاد منتج لرأس المال والثروة بتشغيلية عالية ومردودية مناسبة وتوسع أفقي وعمودي يكون هو المخرج من عنق زجاجة الأزمة الإقتصادية.

Exit mobile version