نور الدين الغيلوفي
لماذا يلتحف يوسف الشاهد صمته ويدسّ رأسه في التراب وأزمة التربية تستفحل؟
أليس رئيسا للحكومة التونسيّة؟
أما كان أولى به أن يسعى في إطفاء حرائق البلاد بدل صرف وقته في تشكيل الأحزاب وانتداب اللاعبين إليها؟
البلاد تعاني من النقص في كلّ شيء.. أمّا رصيدها من الأحزاب فزائد عن الحاجة.. إنّ لنا فائض أحزاب نحتاج تصديره إلى بعض الدول الشقيقة والصديقه أو إلقاءه في البحر تجنّبا لمزيد استفحال الرداءة وانتشار اللصوص وتحصّن المجرمين…
لم يؤت بيوسف الشاهد ليكون من الخالدين المخلَّدين في قصر الحكومة بالقصبة.. ولن يجديَه الحزب الذي كوّنه.. البلاد تراكمت عليها المشاكل وتكاثرت بها الأحزاب.. ولن يزيدها حزبه الجديد غير عبء على أعبائها ولن يضيف إليها إلّا علّة على عللها المتراكمة…
البلاد تعيش مشاكل.. والمشاكل تحتاج حلولا ولا تحتاج مزيدا من الأحزاب.. وما لم يستطعه الشاهد بالنداء، ممتثلًا ومتمرّدا، لن يستطيعَه رئيسًا لحزب ولو سمّاه “تحيا تونس”…
ألا يعلم رئيس الحكومة أنّ التربية باتت في خطر؟ ألا يشعر بما يهدّد البلاد من انفجار لن يبقيَ قديما ولا جديدا؟
ألا يعنيه شأن أبنائنا يتحارب السياسيون والنقابيون فوق رؤوسهم العارية بأسلحة فتّاكة تهدّد مستقبلهم وتحطّم أحلامهم وتقتل أملهم في بلادهم؟
لم يبق أمام رئيس الحكومة من خيار إلّا التحرّك العاجل لأجل حلّ مأزق التربية.. وحلُّه يستدعي العمل على فكّ الاشتباك بين الوزارة والنقابة وإعادة الأمور إلى نصابها عاجلا غيرَ آجلٍ.. وإرجاع أبنائنا إلى مقاعد الدراسة وإجراء امتحاناتهم…
لسنا في وارد الحكم لأحد الطرفين ضدّ الآخر، إذ هما شريكان في صناعة الأزمة.. والعقل يستدعي أن يتحمل المرء مسؤوليته على أعماله لا أن يتفصّى منها ويلقيَ بها على غيره.. ذلك ليس من العقل ولا من العدل ولا من الشجاعة..
مطالب الأساتذة ليست إعجازيّة.. والاستجابة إليها كفيلة بأن تحميَ بلادنا من المجهول المحدق بعيدا عن المناكفات وتبادل الاتّهامات…
نقول مرّة أخرى: إنّ ليوسف الشاهد فرصة أخيرة لشنّ حرب حقيقية على الفساد وحمل المتهرّبين الجبائيين على دفع ما عليهم للدولة…
بلادنا ليس من خطر يهدّدها غير الفاسدين والمهرّبين والمتهرّبين والمحتكرين الذين ينهبون المال العام وينشرون الفقر بما يرتكبون من جرائم.. وليس لها من معركة سوى ضدّ هؤلاء بعد أن ربحت حربها ضدّ الإرهاب..
لقد بات الفساد هو الإرهاب الذي يهدّد مجتمعنا بالتفكّك وبلادنا بالخراب…
يا رئيس الحكومة لن يكون لك مستقبل قريب ولا بعيد ما لم تعلن حرب الدولة على الفاسدين كلِّ الفاسدين الذين باتوا دولة موازية تهدّد بسحق الدولة..
إلّم تفعل تكن شريك الفاسدين وزعيم المجرمين…