سيادة النقيب مرّة أخرى ما هكذا تورد يا سعد الإبل

نور الدين الغيلوفي
لسنا ضدّ انتماء المسؤول النقابيّ إلى هذه الجهة الحزبية أو تلك.. ولا ضدّ أن يكون من ذوي الإيديولوجيات التقدّميّة ولا من ذوي الاحتياجات الرجعيّة.. له أن يؤمن بما يشاء من الأفكار وأن ينتسب إلى ما شاء من الأحزاب.. فذلك من مطلق حريته.. وليس لأحد ان يحجر على أحد فكره أو يمنعه انتماءه…
ولكنّنا ضد تشويه النضال النقابي بخطابات غير مسؤولة يحكمها الانفعال.. ضدّ خطابات لا تدلّ على عقل ولا تعبّر عن فهم ولا تشير إلى ذكاء.. ولا معنى لقول البعض، في سياق ما نحن فيه، إنّ نقيب الأساتذة قد أنتج خطابا شفويًّا حماسيًّا عفويًّا لا يحاسَب عليه… كما لا معنى لقياس خطابه على خطاب “الخلافة السادسة” الذي يعود إلى رئيس الحكومة الأسبق حمّادي الجبالي أو خطاب غيره من قيادات النهضة الذين ارتكبوا سقطات اتّصالية لا تدلّ على غير الغباء ولا تعبّر عن غير اختلال البيان.. فالغباء ليس حجّة يقاس عليها…
وحين ننقد مسؤولا نقابيا، يُفترض أنّه ممثّل لمختلِف زملائه الأساتذة بسبب زلّة لسان أو لسابق قصد، فنحن لا ندافع ضرورة عن جهة سياسية بعينها… فلا يتصيّدنّ أحد قولنا بتعاليق أو ردود فجّة لا لون لها كأنها الثالث المرفوع في معادلة أرسطو المنطقية.. نعم ثمّة من ينصّب نفسه حكَمًا على غيره كعقل محض استوى له، دون سواه، الفهمُ، فهو يسمح لنفسه بالدفاع عن هذه الجهة أو بمهاجمة تلك بلا سبب مقنع.. ولا حجّة تسنده…
لماذا هذا الهروب إلى الأمام؟
إلى متى نظلّ نجترّ سابقات أخطائنا؟
المسؤولية، نقابيةً كانت أو سياسيةً، تقتضي عقلاءَ.. كبارا لا يفضحهم غضب ولا يُسقطهم انفعال ولا يقع بهم خطاب ولا يزلّ لهم لسان.. وإن زلّ فلأجل ما يجمع ويوحّد وليس لما يفرّق ويشتّت ويجرّ الخذلان…
نحتاج مسؤولين عاقلين ينكرون ذواتهم ويتغلّبون على انفعالاتهم ويصحّحون أخطاءهم قبل النظر في أخطاء غيرهم..
نحن في سياق التربية.. والتربية تقتضي رجاحة العقل وخفض الجناح وتستدعي التعالي والتجاوز…
جمهور الأساتذة المظلومين ليسوا معنيين بالتقدّمية والرجعية ولن يأكلوا من الصراعات السياسية والمماحكات الحزبية.. هؤلاء يحتاجون صفّا واحدا يحفظون به قوّتهم ويحقّقون به عادلات مطالبهم وعقلا راجحا يستردّون به منزلتهم بين تلاميذهم وأوليائهم.. وهم يحتاجون قيادة نقابية راشدة تستثمر الاختلاف بين الزملاء وتجعل منه سببا لقوّتها.. قوّتهم.. قيادة تحسن إدارة التفاوض مع الوزارة بعيدا عن التشنّج والتعادي وصبّ الزيت على النار وصنع الحرائق…
كفانا ما نحن فيه من حرائق…
أطفئوا الحرائق بدل إضرام النيران