بين إضراب 26 جانفي 1978 وإضراب 17 جانفي 2019
(ابحث عن طبيعة النظام السياسي السائد لتعرف الفرق):
خلّفت الأحداث 26 جانفي 1978 (الخميس الأسود) الدامية التي اهتزت لها البلاد اعتقال القيادة النقابية (باستثناء خليفة عبيد الذي كان في مصحة للتداوي والتيجاني عبيد الذي انقلب على القيادة وقاد عملية التنصيب بعد أن أنكر، وتنكر، واستنكر قرار الإضراب العام.) كما شملت الاعتقالات عددا هاما من أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية وكتابا عامين للاتحادات الجهوية والمحلية ومسؤولين من نقابات جهوية وأساسية ومناضلين نقابيين وعمال ناشطين وعددا كبيرا ممن ألقي عليهم القبض في الشارع أثناء المظاهرات والمواجهات التي شهدتها بعض دور الاتحاد.
ووصل عدد الذين تعرضوا للمحاكمة أمام محاكم الحق العام إلى 700 من النقابيين، أما الذين حوكموا أمام محكمة أمن الدولة فيقدر عددهم بـ 130 ووصفت المحاكمات بالصورية وبأنها المسرحية. كما عرفت تلك الفترة سن قانون الخدمة المدنية الذي مكن السلطة من إنشاء المحتشدات الطلابية وإجبار الطلبة على العمل في المشاريع الصحراوية بصفة إجبارية. واعترفت الحكومة آنذاك (حكومة الهادي نويرة) بسقوط 52 قتيلا و365 جريحا في ما تحدثت تقارير أخرى مستقلة عن مقتل ما يزيد عن 400 شخص وجرح أكثر من ألف.
أما الإضراب القطاعي العام (الوظيفة العمومية والقطاع العام) ليوم 17 جانفي 2019 فانجز بدون خسائر بشرية أو صدامات بين قوات الأمن والمضربين برغم حدة الاحتقان السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وفقدان بعض المواد الأساسية… ونعتقد أن سلمية الإضراب وانعدام العنف النظام يعود لسيادة نظام ديمقراطي تعددي بعد سنة 2011 عكس نظام الاستبداد الذي كان سائدا سنة 1978 والصراع على السلطة بين أجنحة الحزب والنظام.