منذر بوهدي
بعد ماراطون مفاوضات وشد وجذب بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل تتجه البلاد إلى إضراب عام في الوظيفة العمومية والقطاع العام يعني تقريبا جل القطاعات والمؤسسات مع ضمان الحد الأدنى في الصحة خصوصا.
لا شك أن مسؤولية فشل المفاوضات وإقرار الإضراب العام مشتركة بين مختلف الأطراف بدرجات متفاوتة ولكن أساسا تتحمل الحكومة القسط الأكبر من هذه المسؤولية لاعتبارات عديدة:
أولا. الحكومة هي التي توافق على الزيادات ورزنامة صرفها من عدمه وتمتلك مفاتيح الحل الممكنة وحدها.
ثانيا. الحكومة أساءت إدارة التفاوض مع الاتحاد فقد وافقت على الزيادات في القطاع العام في حين ترفضها للوظيفة العمومية وهو أمر مستغرب أن تفاوض الحكومة الاتحاد بشكل مشتت وغير مدروس ودون نظرة شاملة لمجمل الزيادات الممكنة والرزنامة الأمثل لتنفيذها.
ثالثا. فقدان الحكومة لكل أشكال المصداقية باعتبارها لا تفي بالتزامات الدولة واتفاقاتها الممضات مع الاتحاد.
رابعا. تفقد الحكومة الحد الأدنى من السند الشعبي أو السياسي الضروري لفرض شروطها وتحسين موقعها في التفاوض وربما في الوجود أصلا في قادم الأيام.
من جهة أخرى يبدو واضحا أن تنامي التداخل بين الأزمة السياسية المستفحلة بين القصبة وقرطاج وضرورات الاستجابة للاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية لمختلف فئات الشعب قد ألقت بظلالها على كل التحركات ومنها هذا الإضراب العام الذي ستكون له تداعيات على المشهد برمته ولا شك أنه إضراب الأمل المؤلم، فرغم ما قد يخلفه الإضراب من خسائر وتعطيل للمرفق العام والدورة الحياتية للشعب عموما فقد تتحقق مطالب الموظفين من جهة ولكن أيضا قد يتم الدفع بالحكومة إلى الأقصى والضغط عليها لحل المشاكل العالقة وعلى رأسها أزمة التربية والتعليم واستحقاقات الطبقات المفقرة سواء بتحسين الأداء أو بتغيير الدفة كاملة إن كان ذلك ضروريا !