نصائح لتشارك صحّي للمحتوى الرقمي

بشير العبيدي
#فنّ_الحياة
تصلنا جميعا محتويات رقمية كثيرة جدا، وقد يحتار الإنسان كيف يفرّق ما بين الغث والسّمين في محتوياتها. لذلك جمعت عشر نصائح من أجل تحسين الأداء والتعامل مع ما يصلنا بحكمة وذكاء، من خلال الروابط والأشرطة والأدعية وما شابه ذلك.
النصيحة الأولى : تأمين الأهمية : لا يعتقدنّ أحد في الشبكات الاجتماعية أنّ ما هو مهمّ في نظره وظنّه، هو بالضروة مهمّ في نظر الأصدقاء الذين يرسل إليهم. مقياس الأهمية معقد جدا وشخصيّ إلى أبعد الحدود. لذلك يجدر التفكير أولا بأول إن كان ما أرسله أو أعيد إرساله مهمّ للآخرين من جهة أنه يخدم مصلحة أو ينشر علما أو يوضح أمرا أو يخبر خبرا، أم أن الذي أرسله أو أشاركه غير مهم للآخرين؟
النصيحة الثانية : تأمين المعلومات : هل ما وصلني من عند غيري أو ما سأرسله من عندي يخلو من خطر البريمجات الضارة، والفيروسات المدمرة لحواسيب وأجهزة؟ هل تبدو الروابط عادية أم أنها تثير الشكوك شكلا ومضمونا؟ فإذا غلب الظنّ أنّ المحتويات تثير الريبة، لا أرسلها، حتى وإن استغاث صاحبها واستحلفني أن أرسلها.
النصيحة الثالثة : تأمين اللغة : إذا كان في المنشور الذي يصلني أو الذي سأرسله أدنى خطأ لغوي، حتى النقطة والفاصلة في غير مكانها، أو الهمزة في غير موضعها، أو كانت بلهجة عامية محليّة، أو كان صاحبها يستجدي ويستدرج ويستحلف لإرسالها، فهو مضمون مشبوه في فحواه، لأن هذا ليس من أساليب الأذكياء والعقلاء، بل من أساليب الجهلة والمستهزئة. إذا أعجبكم منشور أو محتوى فلم أو غيره، فلا بد من تصحيح اللغة قبل إعادة الإرسال، لأن ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإذا شارك الإنسان الرداءة، كان عليه وزر المشاركة في تلويث الثقافة وإفساد اللغة، ولو عن حسن نية.
النصيحة الرابعة : تأمين الفطنة : الإنسان يكون فطنا وفذّا ومنتبها، ولا يكون مغفّلا وساذجا ودغفاء. أغلب المحتويات التي تروج في الشبكة، يقف خلف أناس أذكياء جدا جدا، يروجون السمن والعسل مخلوطا بالسم. وأكبر مجال ينبغي أن نضاعف فيه فطنتنا هو المجال الديني : الناس عواطفهم الدينية تغلب عقولهم، ويتأثرون بسرعة رهيبة بالنصوص الدينية، فيقعون فريسة سهلة، من خلال تدمير أفكارهم، أو غسل أدمغتهم، أو التأثير على مواقفهم بشكل غير مباشر، بطريقة شيطانية. من ذلك، حين تصلكم رسالة تقول : (لقد أنزلوا الفلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، عليهم اللعنة، ادخلوا إلى هذا الرابط وشهادوا ماذا يفعل الكفار) : هذه من الصيغ الإجرامية التي تقوم بها أجهزة مخابرات لترويج مادة تدمر نفوس المسلمين، من خلال تكثيف مشاهد إهانة رموزهم. والغريب، أول ما يقوم به الأغبياء هو مشاركة الرابط أو الفيلم، فيزيد ترويجه ملايين المرات، عن طريق المغفلين السذج من المسلمين. إياكم أن تكون هكذا تضحك عليكم مخابرات الأنظمة المتحكمة في الحروب النفسية.
النصيحة الخامسة : تأمين النيات : الحديث الشريف معروف : الأعمال بالنيات. إذا صادفكم محتوى مليء بالأحاديث والآيات القرآنية وكلام مشاهير العلماء، تأكدوا أن أغلبه أيديلوجيا للتأثير على الجماهير وتوجيهها نحو فكر معين. تذكروا الحديث الشريف : الأعمال بالنيات. أي : لا فائدة في المظاهر الخاريجية ولا فائدة في تزيين وزركشة الأعمال والأقوال، من نوى عملا أو قولا لله، سيكافأ عليه بنيته، لا بتجميع وتكديس الآي والحديث…. علما أن الخطابات التي توغل في جمع المادة الدينية للإقناع هي خطابات في أقلها ليست مجدية، وفي أكثرها مريبة في هدفها. لا يحتاج المؤمن أن يذكر حديثا أو آية في كل عمل. بل يحتاج أن ينويه في قلبه وكفى.
النصيحة السادسة : تأمين النقد والنصح : حين يعجب أحدنا بشيء ما كشريط أو مقالة، فليذكر ما الذي أعجبه تحديدا، وما الذي لم يعجبه. ينبغي أن نعوّد أنفسنا جميعا على النقد الإيجابي منه والسلبي، لأننا لا ننقد الشخوص بل ننقد العمل والقول، أما الشخصو فمصانة محترمة. لذلك، لا يتردد أحد أن يقول في شيء أعجبه : ما الذي أعجبه، ثم يرسله. ولا يرسل هكذا دون مقدمات، أو يرسل كما وصله بأخطاء ورداءة، أرأيتم لو أن أحدا منكم جاء بسمك فاسد من السوق، أتراه يلقي به عند جاره كما وصله من السوق؟ كلا، لا يعطي الإنسان من عنده إلا أطيب شيء.
النصيحة السابعة : تأمين الجدوى : الذي نرسله لغيرنا أو نتشاركه، لا بد أن يكون فيه جدوى : ترفيه، إخبار، مساهمة في حل مشكلة، نشر الوعي، الخ… لكن الجدوى تقتضي أن يكون هنالك أولويات، فليست كل القضايا ذات أهمية بالضرورة، خصوصا حين تكون البشرية تعاني من ويلات الحروب والمجاعات وويلات الحكام الظالمين المفسدين، يأتي أحدهم ويرسل مضمونا حول ضرورة البسملة قبل الطعام، أو في كيد النساء، أو في الشركيات، … فالموضوعات ينبغي أن تكون مجدية ومتناغمة مع العصر والمصر، مما ينبني عليه عمل ويكسب الناس فائدة مرجوة. كما يجدر أن نترك مسألة تلويث الشبكات بمشاكلنا الشخصية جدا، كثيرون يقضون يومهم في نشر الأدعية والاستغثات، والتبرم بالحياة، وكره الذات، ونشر الإحباط، وعدم إعطاء قيمة لأي شيء، أو نشر أمور تافهة كالذي قول ها أنذا اشرب قهوة، أو ها أنذا اشتريت حذاء جديدا، أو ها أنذا سآكل في مطعم كذا … كلّ هذا من باب ترويج الأمور الذتية التي تساهم في الحط من قيمة المجتمع من خلال الاهتمامات الغريزية التي يشترك فيها البشر مع الحيوانات….
النصيحة الثامنة : تأمين الأخلاق : لا نتشارك المحتويات التي فيها السب والشتم وضرب الناس بعضهم ببعض، إلا تعريفة فساد المفسدين وكشف جرائم المستبدين الظالمين، فذلك واجب مطلوب، أما الخصام والنزاع والقصص الصغرى التافهة، فنحن في زمان نحتاج فيه إلى الانسجام والتآلف والتآخي، وتلك المضامين المدمرة نحذفها ولا نروجها.
النصحية التاسعة : تأمين إشهار النكرات : كثيرون في العالم يشتهرون على حساب المسلمين والعرب، فتجدهم يعملون بقاعدة “خالف تعرف”، بحثا عن الشهرة. ومنهم من يقوم بنقد الأديان أو اتخاذ بعض المواقف لا لشيء إلا لكي يشتهر. فلا تجعلوا أخبار هؤلاء تروج، وأميتوا الباطل بترك ذكره. ثم النصح … النصح لمن يرسل : إذا لم يراع المرسل مثل هذه الأمور أو نسيها أو كان لا يعرفها، فلا بأس أن ننصحه في مراسلة خاصة، ونبين له سبب عدم قبولنا لما أرسله، ولا ينبغي أن يغضب شخص من النصح أو أن يخجل من إسداء النصيحة…
النصيحة العاشرة : تأمين البدء بالنفس : طبّقوا النصائح التسعة آنفة الذكر على هذا المنشور، فإن رأيتم أنه ينفع، قوموا بمشاركته على أوسع نطاق، وإن رأيتم فيها نقصا، قوموا بنقده كي أصححه، ومن ثم نستغله. وهكذا، نكون أمة تفعل ما تقول، وتقول ما تفعل.
بارك الله في كل من نشر هذه النصائح، أو عدّلها. مع أطيب المنى بالنجاح للجميع.
✍🏽 #بشير_العبيدي | ربيع الثاني 1440 | كَلِمةٌ تَدْفَعُ ألَمًا وكَلِمةٌ تَصْنَعُ أمَلًا |

Exit mobile version