لطفي هرماسي
لمسة دفء ثقافية تضامنية لفائدة القاطنين على تخوم مرتفعات القصرين
في البدء كانت الفكرة… وكانت الكلمة… وكانت المبادرة لفتة فنية راقية تهدف إلى توفير الدفء لمتساكني مرتفعات القصرين… على تخوم الجبال وعلى مرمى حجر من المناطق العسكرية المغلقة… وعلى خطوط التماس مع أوكار الإرهاب.
هم تونسيون لحما ودما… عشقوا التضاريس الصعبة ووعورة الجبال واختاروها موطنا فابتلتهم الطبيعة بقسوة المناخ خاصة في فصل الشتاء حين تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات قياسية تدمع فيها العيون وتنفذ إلى المفاصل وجعا وإلى الأيدي والسيقان حمرة فزرقة وانتفاخا يدمي القلوب.
هم الذين خبروا الجبال والوهاد وخبرتهم واختاروا أن لا يفروا من ساحات الوغى ويخلفون مساكنهم مرتعا لطيور الظلام رغم جور الطبيعة وشظف العيش وندرة الطعام ورهافة الغطاء وانعدام وسائل التدفئة وتمزق الجوارب والأحذية.
هذي غناية ليهم…من الڨلب تحييّهم
اللي عمري ليهم…وعمري شويّة فيهم
اللي في لياليهم…ضحكتنا تدفيّهم
اللي في لياليهم…ضحكتنا تدفيّهم
خطوتهم عالجمرة ويحلموا بالقمرة مراية بين أيديهم
وفي آخر الحكاية…تتكسر المراية وما تحكيش عليهم
الناس اللي تعاني ونساتهم الأغاني…هذي غناية ليهم
هذي غناية ليهم… مبادرة من القلب تتلمس طريقها بثبات إلى الوجود بفضل صاحبها الفنان القدير ابن القصرين ماهر الهرماسي الذي أطلقها متوجها بنبرة واثقة إلى أصدقائه في الوسط الفني خاطب من خلالها قلوبهم وضمائرهم مستحثا فيهم قيم التآزر وحب الخير فكان التجاوب والتفاعل سريعين من قبل عدد كبير من نجوم الساحة الثقافية الذين عبروا على انخراطهم غير المشروط في التطوع لإقامة حفلات فنية بالقصرين وبعدد من المدن التونسية يعود ريعها لتمويل مشروع توفير وسائل تدفئة وأغطية صوفية لمتساكني مرتفعات القصرين.
قائمة الفرق الموسيقية والفنانين الذين اتصلوا بصاحب المبادرة ومنسقها الفنان ماهر الهرماسي تزدحم بشكل مطرد يوميا والمشروع يكبر يوميا والحلم في طريق مفتوحة للتحقق والتنسيق والتنظيم على قدم وساق.
منسق تظاهرة “هذي غناية ليهم” أفادنا أنها ستشمل سهرة أو أكثر بالقصرين وسهرات بعدد من المدن الكبرى والسعي حثيث لتنظيم سهرة كبرى بمدينة الثقافة وباقتراب الموعد الذي سيكون خلال الأسبوع الأخير من شهر جانفي الحالي.
وفي انتظار ذلك تتشكل تدرجيا ملامح برنامج التظاهرة وهيئة الإشراف عليها تم تعيين الأستاذ أمير أميزي العدل المنفذ بالقصرين مسؤولا قانونيا وماليا عليها وكل ما نرجوه أن تحقق المبادرة كل أهدافها حتى تنسج جهات أخرى على منوالها وتشمل هذه اللمسة التضامنية كل من يحتاجها من أبناء وطننا العزيز.