محمد ضيف الله
في الأصل الكمبرادور هو البرجوازية العميلة التي تتحالف مع الرأسمال الأجنبي لتحقيق مصالحها وللاستيلاء على السوق الوطنية. إلا أن المسألة لا تقتصر على هذا المستوى، وإنما هناك كمبرادور ثقافي يفعل على المستوى الثقافي ما تفعل البرجوازية على مستوى اقتصادي، كوسيط/ عميل للثقافة الوافدة، يتلقى الدعم المادي ويحظى بالمكانة والحظوة، بقدر ما يتباعد عن ثقافة شعبه. وعندما تسنح له الفرصة يرى في العربية رمزا للتخلف، ويتفاخر بجهله بها، وفي الفرنسية عنوان الحداثة والتقدم والحضارة. كمبرادور ثقافي لا أكثر.
السينمائيون
المواضيع التي عالجتها السينما التونسية تدلّ إن كانت تحت طلب اجتماعي أم طلب أجنبي. خذ مثلا الأفلام التي ظهرت في بداية العهد النوفمبري، مواضيعها تدور حول الجنس، المثلية، الحمّام، اليهود، وما شابه، كما يجمع بين تلك الأفلام أيضا تمويلها الفرنسي، تحت عنوان “إنتاج مشترك”، عودوا إلى الجينيريك. خذ مثلا “صفائح من ذهب” لنوري بوزيد أو “عصفور سطح” لفريد بوغدير أو “صمت القصور” لمفيدة التلاتلي، المنتج شخص واحد أحمد بهاء الدين عطية. والفرنسيون هم الذين مولوا. والسينمائيون لم يهتموا بالقضايا الحقيقية للمجتمع، ولم يدركوا أو يهتموا بالتحول العميق نحو الاستبداد وإرساء الفساد. كمبرادور ثقافي.