بلد الكلام

الخال عمار جماعي
في بلد يصارع الرمل فيصرعه ويزحف على جماعة تنكبّ على “الخربقة” وكلابها (هي أحجار وبعرٌ توضع في حفر صغيرة).. وتصطرع على “النّزلة حسيني” (مصطلح في لعبة الخربڨة يغلق فيه اللاّعب كلّ المنافذ)..
تنهض الجماعة كدأبها دائما متغاضبة تنفض برانيسها من الرمل.. وتعود غدا للمكان نفسه والمغاضبة نفسها.. فرّخت هاته الجماعة نسلا جديدا آثر حصير المقهى الذي جاء مع الاستقلال الوطني، انكبّ على “الشكبّة” يشكّب بها على الزعيم فيضع له صورته وراء دكّة المقهى فيسبّه في سرّه ويقطع في العَلَنِ اشتراكه في حزبه.. فرّخ ذاك النّسل أبناء، هم أحفاد جماعة “الخربڨة والكلاب”.. تثقل أعجازهم كراسي المقاهي النظيفة فينكبّون -كجدّهم وأبيهم- على قهوة إفرنجيّة في فنجان.. يستمنون بالحديث في كلّ شيء ويختلفون في كرة لم يلعبوها وكتب لم يقرأوها وأحزاب لم يسمعوا قولها.. ولمّا تلفحهم الشمس ينهضون لينفضوا هباء السجائر الدزيريّة الرخيصة.. وغدا… سينسولون جرادا من الخلق آخر.. لا أدري ماذا سينفض !؟!..
… ذاك هو بلد الكلام، الذي يبكي طويلا عندما يسمع الآية الكريمة: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى” !! رحم الله الجاحظ..
“الخال”

Exit mobile version