بشّار لم ينتصر.. بشّار لا ينتصر
نور الدين الغيلوفي
بشّار مجرم. والمجرمون لا ينتصرون..
بشّار قاتل والقتَلة لا يليق بهم النصر..
بسّار سفّاح والسفّاحون لا يمكن أن يحرّروا أرضا سليبة…
لا تلزمني مواقف السياسيين ولست معنيا بإكراهاتهم.. ولا يشملني فَرَح الأغبياء الذين يرون في بشّار الرئيس الوارث لأبيه عنوانا للممانعة.. ممانعة هؤلاء لا تعني لي شيئا.. الممانعة كما أفهمها هي خيار الشعوب ولا يمكن أن يمثّلها حاكم يقتل الناس ليظلّ فوق كرسيّه…
الإعلام المهلّل لنصر البراميل والتوابع السياسيون والثقافيون.. “قاتلك قاتلك”.. بدل أن يخرسوا ويخجلوا نراهم يمعنون في الهجوم على الذين وضعوا اقتراحات جديدة بشأن حلحلة الشأن السوري..
تقرأ أقوالا من قبيل:
– اعترفوا بفشلهم.. كأنّ بشّارا قد حقّق نصرا..
– ذهب فلان وبقي بشّار.. كأنّ بشّارا هو ظلّ الله على الأرض ويُرجى بقاؤه ليستمرَّ الخير ويتحقق التحرير..
– لقد أثبت بشّار أنّه على النهج السليم.. كأنّهم لم يروا شعبا يُسحَق تحت البراميل المتفجّرة..
– لقد انكشفت المؤامرة على سوريا.. وليست من مؤامرة على سوريا أكبر من نظام الأسد العسكري الانقلابي الوراثي..
وتقرأ عبارات أخرى تنافس تلك في الركاكة والوقاحة والهروب إلى الأمام..
المؤامرة كانت على الشعب السوري وعلى الشعوب العربية قاطبة.. هذه الشعوب خرجت على حكّامها تِباعا يهتدي بعضها ببعض.. طالبت بحرياتها وبخلاصها من أنظمة مستبدّة مجرمة تمعن في سحق شعوبها.. أنظمة متجبّرة لا معنى للإنسان لديها..
السعودية والإمارات وأمريكا والكيان الصهيوني وأوروبا وروسيا وإيران تحالفت جميعها كما لم تفعل من قبل لوأد الثورة العربية الكبرى..
الشعوب نطقت لغة واحدة واعتصمت بهدف مشترَك بينها وقادت ثوراتها بأنفسها.. بلا وصاية من أحد فتداعى عليها الأعداء وكانت سوريا هي المختَبَرُ:
– إيران جاءت توقف مدّ ثورة عربية تقضي على مخطّطاتها في مدّ نفوذها وبسط سلطانها وتوسيع هلالها “الهلال الشيعي”.. وقفت في الظاهر مع نظام لم يبق منه شيء.. ولكنها أقامت وجودها على أنقاض النظام والشعب معًا.
– روسيا جاءت تجرّب أسلحتها في الإنسان السوري وتدرّب جيوشها على أرضه.. دعمت في الظاهر بشّارا الذي فقد كلّ شيء.. وما دعمت، في الواقع، غير مصالحِها وما متّنت سوى علاقتها بالدولة العبرية.
– السعودية والإمارات جاءتا تحولان دون اشتعال نيران الثورة فيهما.. توقفان مدّها.. وكان مدخلهما جماعات إرهابية دموية بثّتاها في أرض سوريا فأفسدتا بها الثورة وشوّهتا جموع الشعب الثائرة.. ودعَمَتا، بذلك، النظام.
– أمريكا والدولة العبرية هرعتا لوأد ثورة شعب إن هي نجحت كثرت متاعبهما في المنطقة وضاع منهما نظام لا مثيل له يعمل لصالحهما.. نظام ظاهره عليهما وباطنه لهما.. لا رصيد له من الممانعة غير الرصيد اللغويّ.. ولقد كان احتلال قطاع الجولان المسمار الاختباريّ المتقدّم الذي دقّته الدولة العبرية في أرضه منذ 1967 ولم يخطُ نظام الأسد والشبل خطوة واحدة لاقتلاعه..
فماذا تعني ممانعة نظام لا يجرؤ على نزع مسمار في خاصرته؟ هل يراهَن عليه لتحرير فلسطين أو المساعدة عليه؟
لن تعود سوريا إلّا بسلامة شعبها.. وشعبها صار أثرا بعد عين بفعل الجبهتين اللتين تداولتا على قصفه..
الأرض صارت خرابا ليس بها غير قصر رئاسيّ تجري من تحته أنهار الدماء..
عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية تعني ردّة فعلية عن الثورة والإنسان والتاريخ.. ستُعقَد غدا قمّة للأنظمة العربية الباقية والعائدة (هدرة كبيرة).. سيجتمع بشّار الأسد إلى ولد زايد الإمارات راعي الثورات المضادّة إلى محمّد بن سلمان سجّان نساء الجزيرة العربيّة ورجالها قاتل خاشقجي إلى عبد الفتّاح السيسي الجنرال المنقلب على ثورة الشعب المصري..
ستكون قمّة يأتي إليها كلّ رئيس من هؤلاء بوعاء به دم شعبه.. لن يفعلوا غير خلط لتلك الدماء ليستخرجوا من خلطتها شرابا لهم من دَمٍ عربيٍّ استضعفوه فأباحوه.. فسفكوه. ثمّ تداعوا ليشربوه…
ثمّ يتفرّقون.