"الحرب على الإرهاب" بدون مستشفيات !!

عبد اللّطيف درباله
رجل الأمن الذي جرح اليوم في تبادل إطلاق النار مع الإرهابيّين في سيدي بوزيد نقل إلى مستشفى بمدينة صفاقس للعلاج..!!
أغلب الإصابات الخطيرة للأمنيّين والمواطنين في ولايات جندوبة والكاف والقصرين وقفصة وسيدي بوزيد.. تنقل إلى مستشفيات المدن الساحليّة للعلاج..!!
رغم مرور أكثر من 7 سنوات على بدأ الأعمال الإرهابيّة في المناطق الجبليّة والحدوديّة بالجهة الغربيّة من البلاد التونسيّة.. وسقوط العشرات من القتلى والجرحى كلّ عام.. لا تزال المستشفيات بالجهات الداخليّة عاجزة عن توفير العلاج للإصابات الخطيرة لافتقادها للإطار الطبّي وللمراكز الصحيّة المتطوّرة وللتجهيزات والأدوات..!!
ولم تهتمّ 8 حكومات و6 رؤساء حكومة منذ الثورة بتوفير الحدّ الأدنى من البنية التحتيّة الطبيّة بالمدن التي أصبحت تشكّل طيلة الأعوام الأخيرة خطّ المواجهة الأوّل مع الإرهابيّين.. وخطّ الدفاع الأوّل ضدّ الإرهاب..!!
والأمر لا يختلف أيضا في مدن الجنوب الحدوديّة مع ليبيا المهدّدة أيضا بوقوع إصابات نتيجة الهجمات الإرهابيّة مثل مدنين وتطاوين..
ولا تسمع في المقابل إلاّ الشعارات الحكوميّة الجوفاء.. والبروباغندا السياسيّة البلهاء.. عن “الحرب على الإرهاب”.. و”وقوف الدولة بكلّ إمكانياتها ضدّ الإرهاب وضدّ الارهابيّين”..
والحقيقة أنّ تعاسة الوضع الصحّي في المناطق الداخليّة لا تشمل فقط عدم القدرة على علاج الإصابات الخطيرة الناتجة عن الرصاص والتفجيرات.. وإنّما تشمل أيضا حوادث المرور.. وجميع الأمراض الخطيرة بأنواعها.. والعمليّات الجراحيّة الكبرى وحتّى المتوسّطة.. بل وحتّى الولادات المعقّدة أو الحرجة.. كلّها تعجز المستشفيات في زغوان وباجة وجندوبة والكاف والقصرين والقيروان وسيدي بوزيد وقفصة وتوزر وقبليّ ودوز وتطاوين ومدنين عن إجرائها.. وتوجّه المرضى إلى مستشفيات المدن الساحليّة من قابس إلى بنزرت..
وكثيرا ما توفيّ المرضى في الطريق بين مدنهم الأصلية وبين المستشفيات البعيدة.. بل وتتوفّى كلّ سنة عدد من النساء الحوامل نتيجة ذلك..!!
تخيّل أنّه بعد أكثر من ستّين سنة من الإستقلال لا تزال حوالي 13 ولاية كاملة.. أي أكثر من نصف ولايات الجمهوريّة التونسيّة.. لا توفّر لمواطنيها ولو مستشفى واحد بمركز الولاية قادر على علاج ومداوة مرضاها.. ممّا يضطرهّم لتكبّد عناء التنقّل لولايات أخرى بعيدة.. وأحيانا بين الحياة والموت.. للعلاج.!!
والأغرب من ذلك أنّك لا تزال تسمع مع هذا.. وإلى اليوم.. من يتحدّث عن “إنجازات بورقيبة وبن علي”.. وعن “المعجزة التونسيّة” المزعومة قبل الثورة.. وكأنّهما صنعا سنغافورة أو هونغ كونغ..!!!

Exit mobile version