أحيانا تصبح الأشياء جنونية …
فتحت صفحة الفايسبوك خاصتي، قبل أن أخلد للنوم، كما يفعل ابني الصغير مع زجاجة الحليب.. كنت أبحث عن جديد الأخبار.. فأنا لا أتابع التلفاز، ولا الراديو.. واستمتع بأخبار الفايسبوك حتى وإن كانت كلها مختلقة.. الخبر هناك يحتفظ دائما بنوع من الصدقية، مثل نص أدبي ممتع.. عكس وجه مقدم الأخبار الذي تخاطبك ملامحه بكل صفاقة: اقترب أكثر لأضحك على ذقنك!…
ولكن العالم هذه الليلة توقف عن الدوران… عالم خال من الحروب والموت، ومن الرؤساء والملوك والوزراء.. خال من الكوميديا السوداء التي صنعناها بأنفسنا، ثم نجلس لمشاهدتها سنوات العمر… اختفى عالمنا، ولم اعثر له على أثر بين كل الصفحات… فقط عبارة تتكرر بصيغ مختلفة: مبروك سنة 2019، مرحبا بالعام الجديد.. إلخ..
اعترضتني صيغة أولى لصديق تذكرت انه وضع جاما تحت آخر تدوينة كتبتها، فرددت بأفضل منها: قلب احمر صغير.. ثم آخر وآخر.. ولكن بجامات عادية.. حتى تعبت أناملي ويدي.. وتعبت الفارة معي… وكادت تحمر اليد البيضاء من شدة النقر.. فعلت كل ذلك مثلما يفعل أحدهم في احتفال يعرف المدعوين فيه، ولا يعرف السبب.. يمد يده للسلام حتى ترتخي، ولا يجرؤ على السؤال..
… بما أن الفايسبوك قد أدخلنا حفلا، بلا وجوه.. أي بلا خجل.. سأسأل جميعكم: ما الذي يجري هذه الليلة ؟ الكل يرحب ويتمنى.. الكل يطلق الأضواء، ويشعل أنوار صفحته… من هو هذا القادم الجديد الذي فرض نفسه فجأة كسيد الفايسبوك ؟
.. لقد ضعف بصري قليلا.. ولكن بصيرتي مازالت كما هي، بل وربما ازدادت وضوحا مع الأيام.. وأنا لا أرى خيالات مثلما ترون.. اعترف بان هذا أول خبر مكذوب قد تداولته صفحات الفايسبوك.. ومن خلاله أكاد أرى وجوهكم، التي تشبه وجه مقدم الإخبار..
كفوا عن مزيد من التهيئات، وأعيدوا لنا وجه العالم كما نعرفه… حتى نتابع أخباره التي نعرفها… تلك الأخبار التي ننسى فيها دائما وضع تاريخ اليوم والشهر والسنة… الزمن متوقف عندنا منذ قرون.. ولا جديد تحت الشمس.. ومن رأى منكم عاما جديدا في الطريق فليرسل لي صورة عنه.. حتى أصدق.. ولن أصدق..
.. ولكني أحب أن أجمع الجامات مثلكم جميعا.. انسوا التدوينة بكاملها، واذكروا فقط العبارة التالية: كل عام وانتم بخير !