من سوء حظّي ليس في أقاربي عالم مشهور أو مناضل كبير أو سياسي معروف يمكن أن أتّكئ عليه،
عمّي محمد كان مزارعا وعمّي بشير نزح إلى صفاقس منذ طفولته المبكرة واشتغل بحّارا وبقية اعمامي كانوا زواولة مغمورين وخالي الوحيد كان مؤدب أطفال أما أبي فكان مواطنا تحت الصفر، اشتغل في ليبيا سنوات ثم عاد لخدمة الأرض،وكانت هنية تقول عنه في سرّها إنه لا يحسن غير لعب “الخربقة” تحت حائط المستوصف وتدخين الحلّوزي،
فلم يكن بدّ أن أعوّل على نفسي وأحقق حلم هنيّة بأن أنجح في السيزيام فيحق لها ولإخوتي وأقاربي أن يتبجّحوا أمام الآخرين بأن الأسرة أنجبت أخيرا ولدا استطاع أن يسطع نجمه وأن يحصل قدرا من العلم لم يقدّر لأحد من الأسرة أن يحصله قبله، لذلك لم تتوقف هنية منذ حصولي على السيزيام على الطواف على الأولياء والمشعوذين كي يكتبوا لها الحروز والتعاويذ الكفيلة بوقايتي من العين، فقد كانت تعتبرني فخر الدوار وزينة شبابها والمعوّل عليه لإخراج العائلة من الضيق إلى السعة ومن الفقر إلى الغنى ومن الخمول إلى الشهرة.