عشقت الثورة كما لم يعشق الثورة أحد
حليمة معالج
قبل الثورة كان محمد يخدم خبير لدى الاتحاد الأوروبي وكانت أجرته على كل مهمة ينجزها 550د/ اليوم الواحد.
كنت فعلا ما نعرفش طرف خلاها فين،
نبدل الكرهبة وقت ما نحب، بما أننا كنا محرومين من جواز السفر، كنا ننتقل وسط تونس ونقيم في افخم النزل ونصرف من غير فرانات،
كنت ما نعرفش الكونت متاعي قداش فيه لان محمد ربي يفضلو ماكانش في حاجة لشهريتي، وكانت شهريتي ليا وحدي نتصرف فيها كيما نحب.
فجأة جات الثورة😮 ما كانتش منتظرة .. فرحنا بيها 😊 وخفنا عليها 😦.
بدينا نسطنبطو في الأساليب لدعم الثورة والمحافظة عليها🤔.
وهكاكة جات فكرة الرابطة الوطنية لحماية الثورة اللي هي بدورها مستمدة من فكرة لجان حماية الأحياء اللي كنت أنا وزوجي عناصر فاعلة فيها بكل ما اوتينا.
قلت سنة 2012 تكونت الرابطة الوطنية لحماية الثورة، وكان محمد رئيس وكنت أنا عضو مكتب تنفيذي ودخلنا في مارطون ثوري عنده أول وما عندوش آخر.
وكانت الاجتماعات لا يحصي عددها إلا الله، وكان لابد لمحمد من التفرغ خاصة وقت بدينا نكون في فروع الرابطة على مدى 24 ولاية، وفعلا هذا ما تم.
رفض محمد كل المهمات المهنية التي عرضت عليه، ولن اذكر المبالغ التي سلّم فيها لأنها تهون في سبيل الثورة.
وضعنا سيارتينا ومنزلنا على ذمة الثورة.
وخلال اشهر اصبحنا بدون مدخول باعتبار أن مرتبي لا يمكنه تغطية الأعباء القارة ولا المصاريف اليومية..
بعت ذهبي، وبعت ديامنتي، وبعدما كنت نسلّف ولّيت نتسلف، وعديد الأصدقاء والصديقات اللي قاعدين يقراو في الستاتي يعرفوا الحكاية، ومنهم اشكون عطيتو يبيعلي الذهب والديامونت.
كان كل همنا الثورة تنجح، والديكتاتورية ما ترجعش.
بقينا على هاك الحال من 2011 الى 2015 تاريخ رجوع محمد للعمل.
عمري ما كنت نتصوّر روحي نحل الفريجيدار وما نلقاش لحم والا حوت، وأصدقائي اللي كانوا يجيوني يعرفو المستوى اللي كنت نعيش فيه.
نزل مستوى المعيشة متاعنا إلى اسفل السافلين ولكن في المقابل ارتفع راسي عاليا،
خسرت مصوغي، لكني استرجعت كرامتي.
صحيح اللحم، والحوت، والفواكه، والغلال والسفريات، والسيارات، كلها باهية ولكن الاحلى منها انك تعيش حر وكرامتك محفوظة وتشعر انك إنسان ومواطن شانك شأن المواطنين اللي يعيشو في الدول اللي تحترم مواطنيها، لا بوليس يقلك اشنوة اللي فوق راسك، ولا عون يذل زوجك وقت يمشي امخر دقيقتين للتصحاح.
في 2013 كنت مستعدة نقدم روحي فداء للثورة، والحرس الوطني ببومهل وبرشة أصدقاء يعرفو الحكاية.
كنت كل ما تزيد الضغوطات عليا، كل ما نزيد نحب الثورة ونزيد نتمسك بيها اكثر من ذي قبل..
حوالي 4 سنوات وانا ومحمد عايشين للثورة، ولا شيء غير الثورة،
لا يهمنا ماكلة ولا فاتورات ماء ولا فاتورات ضوء ولا تلفون، أصلا ما كناش نعرفو كيفاش كانت الأمور تتدبر 🤣.
تقدمت ضدي عشرات القضايا، وتشوهت أنا ومحمد من إعلام الدولة العميقة وأيتامها اللي لا يعرفوني ولا يعرفو راجلي وقدمونا في صورة متاع زوز باندية… ومع كل هذا #عشقت_الثورة.
الناس اللي تسب في الثورة اللي انطلقت شرارتها في مثل هذا اليوم نقلهم عشت برشا لحظات جميلة في حياتي ولكن أجمل و أحلى من الثورة مازلت ما ريتش.