شتاء الحقّ ليس شتاء الباطل

عبد اللطيف علوي

صحيح أنّ الشّتاء في بلدنا طالما كان شتاء ساخنا، على وقع الانتفاضات والمواجهات، بدءا بالخميس الأسود في جانفي 1978، وأحداث قفصة في نفس الشهر من سنة 80، مرورا بثورة الخبز ووصولا إلى ثورة الحرّية والكرامة…

صحيح كلّ ذلك، لكنّ فوضى الشّارع كان لها كامل المشروعية في زمن الاستبداد، حتّى العنف الّذي كانت تمارسه الجماهير المنتفضة وحتّى الانفلاتات وحتّى غزوات السلب والنّهب لمؤسّسات السيادة كان لها ما يبرّرها في ظلّ الديكتاتورية. الاستبداد هو الخطيئة الكبرى التي تنتج عنها كلّ الخطايا الأخرى،
أمّا اليوم فلا مشروعيّة إلاّ للتحرّكات السّلميّة القانونية المرخّصة النّهارية المنظّمة المعروف مسارها وتوقيتها ومدّتها ومطالبها والمسؤولون عن تنظيمها والّذين يمكن محاسبتهم تبعا لذلك على أيّ انحراف لتلك التّحرّكات وجنوحها إلى العنف.
لا مجال اليوم للحديث عن أيّ عنف ثوريّ تجاه الدّولة، لأنّك ببساطة تستطيع أن تعرض مطالبك على قارعة الطّريق دون أن يتعرّض لك أحد بالأذى،
أمّا أولئك الّذين يريدون أن يجعلوه شتاء داميا بحجّة الاحتجاج على أيّ شيء، مهما بدا في ظاهره مشروعا ووجيها وعادلا، فإنّهم أعداؤنا نحن وأعداء الثورة قبل أن يكونوا أعداء الحكومة أو الدّولة.
هذا البلد دفعنا فيه زهرة أعمارنا كي نعيده إلى أبنائه الشّرعيّين، ولن يأتي اليوم أبناء الزّنى الايديولوجيّ والاستعماريّ ليسقطوا سقفه على رؤوسنا ونحن ننظر!
نحن لن نكون محايدين حين يتعلّق الأمر بسلامة بلدنا ومصير ثورتنا، نحن جزء من هذه المعركة لأنّها تمسّ أمننا ولأنّها شكل آخر من أشكال الرّدّة إلى الاستبداد لا أكثر ولا أقلّ، ولذلك فعلى كلّ من يؤمنون بهذا الوطن أن يكونوا مستعدّين للدّفاع عنه بكلّ ما هو متاح…
لكم شتاؤكم ولنا شتاؤنا، وعلى الباغي تدور الدّوائر.
#عبداللطيفعلوي

Exit mobile version