تنويم العقل واستفزاز الغريزة
كان لي ابن عم مشاغب منذ صغر سنّه، وكان يميل إلى ترديد كلمات تخدش الحياء بين أفراد الأسرة، فتحدث بذلك ردود فعل بين منكرة عليه التفوه بتلك الكلمات، وبين عاذرة له لصغر سنّه، ورغم النهي المتكرر له بأن يقلع عن التلفظ بمثل تلك الألفاظ فإنه ينقطع عنها بعض الوقت ليعود إليها أشد إصرارا، وللخروج من الحرج اقترحت عليه بلغة أهل السياسة والعقل بديلا لهذه الكلمات واخترت له المرادفات المناسبة وما ذهب في ظني أنها المعبرة عما يريد قوله.
كانت مفاجأتي كبيرة واستغرابي أشدّ حين أسرّ إلي، على صغر سنّه، أنّ الكلمات البديلة المقترحة لا تثير الضحك ولا تثير ردود الأفعال التي يرغب فيها ولا تجعله الشخصية المركزية خلال الأمسيات عندما تجتمع العائلة، أو عند زيارة الجيران.
عرفت يومها أن ابن عمّي الصغير في السن، العظيم في دهائه، يختار تلك الكلمات بعناية وعن قصد، وعن سابقية الإضمار والترصّد، وأن ما يُقدم عليه من سلوك ليس طيشا أو قلة تمييز بين الكلمات ومعاني الألفاظ، بل إنه قد اكتشف، رغم أنه لم يتجاوز السن الخامسة من عمره يومها، كلمة سرّ “سرقة الأنظار والعقول” في عالم الاستهلاك والصحافة والسياسة والدعاية والإعلام.
#تنويمالعقلواستفزاز_الغريزة