السبت 21 يونيو 2025
ماجدة المؤدب
ماجدة المؤدب

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بين الإحتفالية والفرز الإيديولوجي في تونس

ماجدة المؤدب

10 ديسمبر 2018 لابد أن نخط للتاريخ نحن كتونسيين ضحايا الحكم النوفمبري البورقيبي أنه تزامنا مع الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان تقع هرسلة إعلامية وحزبية وإيديولوجية يتعرض لها ضحايا هذا العهد إلى القصف الإعلامي والهرسلة المتواصلة من بعض الأحزاب المتكونة من بقايا التجمع المنحل أو من أصحاب القلوب الحاقدة ممن كانوا مساهمين من قريب أو بعيد في المطحنة البورقيبية والنوفمبرية للمعارضين السياسيين بمختلف مشاربهم السياسية والجدير بالذكر والباعث على الاستغراب أنهم من مكونات الكتل النيابية داخل البرلمان التونسي.

كما لابد أن نذكر هؤلاء
أولا أن وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تشكل إحدى أهم مكونات لائحة الحقوق الدولية إلى جانب وثيقة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ووثيقة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويمكن الاحتكام إليها دوليا عند الضرورة.
ثانيا أن هذه الوثيقة خطت بعد الحرب العالمية الثانية تعهدا من المجتمع الدولي بعدم السماح على الإطلاق بوقوع فضائع من قبيل ما وقع خلال الحرب من قتل وتعذيب وتشريد وهي فظائع لا تقل فظاعة عما تعرض له المعارضون جميعا في تونس من يوسفيين وعسكريين ويسار ويمين وإسلاميين.

وعلى هذا ونظرا لأن هؤلاء أعضاء في البرلمان التونسي فإنما نقول لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تتعارض مطالبهم مع ما يعارض المواثيق الدولية كما لا يجوز أن يؤسس لعقلية الفرز الأيديولوجي لأنه عضو انتخب على أساس عدالة القوانين وشرعيتها الدولية وهو منخرط في هذه الشرعية بالضرورة.

ثم لا يفوتنا أن نذكر أن تأسيس وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الانسان دام قرابة السنتين وفي فترة كان العالم لا يزال منقسما إلى كتلة شرقية وأخرى غربية بدأت كفكرة مشروع إعلان حقوق وحريات إنسانية أساسية وفردية مرورا إلى إعلان عالمي لحقوق الإنسان يحتكم إليه في المحاكم الدولية وذلك بعد أن عرضت على لجنة حقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة وهي تتكون من 18 عضوا يمثلون مختلف الثقافات والحساسيات الفكرية والسياسية وقد شارك في هذا المشروع أكثر من خمسين دولة وصوت على الوثيقة أغلب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

لذلك يجدر بتذكير أصحاب الكتلة المنتخبة في تونس أنها كتلة رسمية تمثل شريحة من المواطنين داخل البرلمان وهو هيكل من هياكل الدولة يؤمن بمقومات الدولة ويحترم المواثيق والمعاهدات الدولية وأنتم من المفروض أنكم تمثلونه وتدافعون على مبادئه إلا أننا نجدكم في مقابل ذلك تحكمكم عقلية الفرز الايديولوجي وليس عقلية رجل دولة مناط بعهدته التأسيس إلى دولة أمنة يحكمها العدل والمساواة والحرية واحترام المواثيق الدولية. كما أنه جدير بأن نذكر هؤلاء ممن لا يستعرفون بضحايا العهد البائد إن المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على:

إن جميع الناس أحرار ومتساوون في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.
المادة اثنان تنص على أن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الاعلان دونما تمييز من أي نوع ولا سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا كان أو غير سياسي أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع أخر.

لذلك فإننا نختم ونقول بالاستناد إلى هذه المعايير الدولية وإلى قانون العدالة الانتقالية الذي يقضي بحق ضحايا الانتهاكات في التعويض المادي وبموجب القوانين والأعراف الدولية إنكم تغردون خارج معايير رجال الدولة النزهاء والوطنيين وتنعقون خارج ما نص به الإعلان العالمي لحقوق الانسان وفي عدم اعترافكم بصندوق الكرامة كآلية لجبر ضرر ما قامت به الدولة من انتهاك حق المواطنة المكفول بالقانون لكل مواطن. أنتم تؤسسون إلى انتهاكات جديدة عنوانها إسقاط ما جاءت به الأعراف والمواثيق الدولية بعنوان الفرز الإيديولوجي.
ماجدة المؤدب


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق