ثمة مغالطة. تحكم نظرة كثيرين لمسألة النضال ضد الإستبداد ومن ثم تصوغ موقفهم من قضايا العدالة الإنتقالية بتفاصيلها. هذه المغالطة تقول أن من يطالبون بالعدالة ليسوا مناضلين لأنهم كانوا يعملون عملا حزبيا من أجل الوصول إلى الحكم ولَم يقل لهم أحد ناضلوا.
وهذا صحيح. أولا: لا يمكن أن نعتبر الحزب حزبا ما لم يكن هدفه الوصول إلى الحكم وتنفيذ برنامج يُؤْمِن به ويمكن لغيره أن يناقشه في برنامجه ويعتبره غالطا وغير صالح ومن يقول أنه لا يسعى للوصول إلى الحكم فهو كذاب منافق لا تصدقوه ولا تختاروه لأنه لا يقول ما يخفي وهذا خطر. حتى وإن نطق بها في جامع.
كنت أناضل من أجل أن أحقق ما أحلم به عبر مؤسسات الدولة إذا اختارني الناس. قد أفشل وقد أكون غالطا هذا موضوع آخر لكني لا أستحي أن أقول أن جوهر نضالي في الحزب هو من أجل الحكم، لتنزيل برنامجي الذي أعتقد أنه صالح للشعب فإن وصلت وانحرفت ببرنامجي وصار مصلحة حزبية وجب على الشعب أن يخوض نضالا آخر من أجل إراحتي وهذا النضال لن يكون إلا وفق قاعدة ما يُؤْمِن به المناضلون الذين ليسوا بالضرورة فريقا واحدا. وهنا نأتي إلى عنصر من قال لك ناضل.
نعم لا أحد قال لي بل أنا قلت لنفسي أن هناك سلطة منحرفة وأن برنامجي أفضل منها لصالح الناس وندبت نفسي عوضا عن الناس هكذا قناعتي. ولَم أنتظر حتى يقال لي ناضل ولو كان الناس يقولون لبعضهم ناضلوا لما كانت هناك فرصة لانحراف السلطة لأنها ستدرك أن الجميع يتناصح بالنضال وأن هناك قوة موازية للسلطة التي كانت حزبا يريد أن يصل إلى السلطة من أجل الناس كما يدعي. أما وقد صمت الكثير فالرواد والنخب لا يكذبون أهلهم وشعبهم ولا ينتظرون تفويضا وهكذا تتضح المسألة. أنا أناضل دون طلب ومن أجل الحكم لتنفيذ برنامج أراه صالحا للناس وكل ما يصيبني من السلطة المنحرفة تتحمل الدولة نتائجه إذا نجح النضال في تحقيق أهدافه كما وقع مع الثورة.
لذا كل مناضل لا يستحي أن يقول أنه ناضل من أجل الحكم وأنه لم يطلب منه أحد ذلك وأن كل ضر مسه وجب تعويضه حتى يبقى للنضال معنى ولا تستبد السلطة. لا باسم الناس ولا باسم بالله.