في فرنسا سترات صفراء.. والأصفر لون منبّه.. ودليل مبين.. المتظاهرون بستراتهم يَلفتون إليهم الانتباه ويجلبون الأنظار كما يفعل عابرو الطريق ليلا أو العاملون عليه.. يحتمون بلمعان صُفرتهم.. وفعلا فقد نجحوا في ليّ أعناق العالم إليهم ظاهرةً احتجاجيّة في دولة من الدول العظمى تشبه إلى حدّ كبير ما اجترحه شعبنا في ديسمبر سنة 2010..
فما دلالة اللون الأحمر المقترح لمزمعي الثورة الناسخة للثورة في بلادنا؟
يقال إنّ كلمة مخزن العربية سافرت إلى فرنسا ولمّا عُجنت بلكنة الفرنجة صارت Magasin.. ثمّ عادت من هناك لتستقرّ هنا على غير وجهها الذي سافرت به فصارت مغازة.. لم نحفظ الكلمة الأصل ولم ننقل عن الفرنسيين منتَج لكنتهم.. فأضعنا الطريقين كَمُولَعٍ بالتقليد لا يحسنه.. كالمنبتّ لا ظهرًا أبقى ولا أرضا قطع…
سرت دماء ثورتنا في فرنسا.. نعم لقد اقتدى لابسو السترات الصفراء بنا في صور شتّى منها أنّهم رفعوا شعارات تشبه شعارات ثورتنا.. لقد رفعوا شعار : Eau et croissant Et macron non وهو شعار مستوحًى من شعارنا في الثورة التونسية (خبز وماء وبن علي لا).. مع فارق التوقيت والعُملة.. الخبز عملتنا الغذائية والكرواسون عملة الفرنسيس.. (ورغم أنّ الشعار فوتوشوب من صنع التونسيين يبقى شعارا طريفا معبّرا عن رفض المتظاهرين لماكرون).
لقد جعلت ثورتُنا شعبَنا نسيجَ وحده.. نعم جعلت الثورة شعبنا إمام الثورات منه تستلهم الشعوب عشقها لانعتاقها وعناق إراداتها حتّى لقد أطلق إعلاميّ سعوديّ مرتجف على ثورتنا (جمرة خبيثة).. لأنه ما زال بعدُ لا يأمن اشتعالها في ثياب أسياده.. غير أنّ نخبة البؤس والتعس في بلادنا تأبى إلّا منازل التوابع الذيول.. يعزّ عليها ألّا تتّخذ لها من الأجنبيّ إماما تهتدي به حتّى لو كان هو وليّ العهد السعودي القاتل.. ينبري للدفاع عنه مستشار لرئيس الجمهورية يُفتَرَض أنّه شيوعيّ قد جعل له قبلة من الأفكار أخرى..
نعود إلى السترات الحمراء ما دمنا بصدد الشيوعيّ الأخير في بلاط رئيس جمهوريتنا الذي انتدبه محمّد بن سلمان ليكون والدَهُ.. لعلّهم إنّما اختاروا لها اللون الأحمر لأنّه لون الدم.. وهؤلاء إنّما نقموا على الثورة التونسية سلميتها.. لذلك فهم يزمعون إغراق البلاد في الدماء تيمّنا باللون الشيوعي المفضَّل.. لون التجمّع الدستوري الديمقراطيّ.. وهل كان التجمّع سوى عجينة هجينة من دساترة العهد البورقيبي وشيوعيي العهد النوفمبري؟
هؤلاء الحُمْران يحسبون الانتفاض ترفًا..
لقد أغرتهم شوارع باريس بالسياحة فقلبوا صفرة الألوان بها حمرة.. تيمّنا بما يراق على جوانب الشرف الرفيع..
فهم سادة الشرف الرفيع.. و.. أولياؤه.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.