وضع الإشتباه

الخال عمار جماعي

مثلي كثيرون تبدو لوحة القيادة ملتبسة ! الغموض غالب رغم أنّه من المفترض أن يكون مناخ الحرية عامل وضوح وشفافية ! هل هذا وضع طبيعي ؟ لا ادري، ولكنّه وضع يدعو إلى مزيد القلق والتوتّر.. قبل 14 كان العدوّ واضحا والصديق محلّ ثقة والرزق على الله.. الفعل السياسي كان شبه منعدم ويعنينا الشرق أكثر: يمكننا ساعتها أن نسبّ ممالك النفط والعدوّ الصهيوني والإمبريالية ونعلن إنتماءنا إلى خطّ المقاومة والعروبة والتحرر.. يمكننا أن نشمت في أمريكا وأبراجها وهزيمة السوفيات في إفغانستان ونطرب لبعض مواقف القذّافي ونرقص لانتصارات حزب الله على “الميركافا” الصهيونية وندعم جبهة الممانعة ونلعن المطبّعين ! كانت بوصلة فلسطين تقرّر عنّا كلّ شيء.. ولم يكن هذا يزعج المخبر البوليسي في شيء وعادة ما يكتب في تقريره: “الوضع راهن”!

وكنّا أيضا -إذا اطمأنّ الواحد لصديق غير مشبوه- نتبع أخبار نجيب الشابّي وحزبه وجريدة “الموقف” ومؤتمرات “منظمة العفو الدولية” ومحاصرة “حمة الهمامي” ورفاقه وقليلا ما ننعطف بالحديث إلى وضع الإسلاميين المنسيين وملاحقتهم.. ونهمس أنّ بن عليّ جلاّد والتجمّع عصابة إنتهازيين.. كانت الحرية هي بوصلة المرحلة ولكنّ الخوف على العيال كان أغلب !!

أمّا الآن وقد زال اللّجام على اللسان فقد وقعنا في “الإشتبهاه”:
فإذا لعنت ممالك النفط سألك الجماعة: “من تقصد ؟ محور قطر أم محور السعودية ؟ من يساند الثورات أم من “يخشقجها”؟!.. وإذا قلت: “العدوّ هو العدوّ” قالوا لك: “الجميع مطبّع اليوم.. ولنا وزير منهم.. أما زلت ساذحا ؟!”.. وإذا قلت: “إذن سأنتصر للمقاومة !”.. عبسوا وقالوا لك: “من تقصد بالضبط ؟ حزب الله” المقاوم في سوريا الثورة “أم حماس والجهاد التي تتلقى تمويلا قطريا ؟!”.، وإذا قلت: “يلعن أبو أمريكا وفرنسا وصناديق النهب” وتضرب الطاولة.. قيل لك: “تمهّل، هناك في أمريكا ديمقراطيون وجمهوريون ومصلحتنا أهمّ.. أما الصناديق فهي التي تأكل خبزها الآن”..

تترك هذا الحديث وتفتح علبة التبغ الثانية وتطلب من القهواجي -الذي أنت معه في السراء والضراء!- قهوة أخرى وتقول: “أحزاب الثورة فاشلة كسحابة كاذبة”.. قيل لك: “ومن أين لها هذه الصفة ؟! إنما هي في شتات مقيم”.. تقول: “أحزاب السلطة كلاب”.. أستغفر بعضهم ومنعه الحياء أن يفحش ويقولون لك: “تلك أحكام الديمقراطية.. هل ستكفر بها ؟!”.. تقول: “إذن أحزاب المعارضة كلبة بنت كلب !”.. لن تأمن ساعتها أن يسبّ أحدهم عرض أمك ويقول لك: “الكلبة أطهر من جراء السلطة.. والخوانجية عندهم جهاز”!.. تهمّ بسبّ النقابات فتمتنع فقد “يدغرك” أحدهم بـ”التاريخ النضالي”..

ومع ذلك، وعكس المتوقّع.. #بعدالثورةخير

#الخال

Exit mobile version