لماذا يعجز الكثير من السياسيين أن يكونوا مثل موريس الكلب
في مثل هذه الأيام الشاقة من تدهور الأخلاق والقيم، أتذكر “موريس” كلب جدي الجزائري الذي أطلق عليه ذلك الإسم نكاية في الحاكم العسكري الفرنسي الذي شردهم من سطيف، ففي شتاء 1977، لم يكن العالم وقتها بمثل فظاعة اليوم، فكانت أبقار جدي تسرح آمنة في الغابات الواقعة بين دشرة نبّر وسركونة بلا حراسة لأيام طويلة، قبل اختراع سرقة المواشي بسيارات الدي ماكس،
وحدث أن عاد البقر كله إلا بقرة جدتي العشرى على وشك الميلاد، ومن فرط جزع جدتي على البقرة وجزعنا عليها نسينا أن الكلب “موريس لم يعد” أيضا. في اليوم الموالي، امتطيت أنا فرس جدي السوداء وامتطى ابن خالي حصان أبيه الأبيض في البحث عن البقرة، عثرنا عليها في وادي تفيفرا حيث القبور الرومانية وسط الغابة مع عجلها، وكان “الكلب موريس” مضرجا بالدماء من مؤخرته، بما ينبئ أنه قاوم ببسالة خرافية الذئاب ليومين بلا أكل ولا مساندة صونا للبقرة وعجلها، سوى الوفاء لقطيع أبقاره، لم يكن أي ذئب يقدر عليه في مواجهة مباشرة لذلك نالوا من مؤخرته لكنه لم يستسلم حتى جئنا، لم أر في حياتي فرحا كما رأيته في عينيه لما رآنا رغم أنه لم يكن يقدر على تحريك ذيله، البقرة وعجلها سالمان وكان علينا أن نحمل الكلب مثل رجل شريف على متن الحصان، مات موريس عام 1986 عن سن لا تقل عن ربع قرن، ومات أشخاص كثيرون، لكننا مازلنا نذكر وفاءه مثل واحد من الأسرة، لماذا يعجز الكثير من السياسيين أن يكونوا مثل موريس في وفائهم لهذه البقرة وعجلها ؟