ربما كان إستقبال رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، يوم الإثنين 26 نوفمبر الجاري بقصر قرطاج، لوفد ممثل لهيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي أكثر الأحداث مثارا للجدل لا فقط بسبب التداعيات المرتبطة ببحث ملف قضائي ومستجداته مع رئيس السلطة التنفيذية بل أساسا (وهو تطور غير مسبوق!) بسبب ما طلبه الوفد المذكور وهو تعهّد مجلس الأمن القومي بالملف وتكوين “لجنة ظرفية” برئاسة شخصية وطنية “للتدقيق” في جملة من المعطيات ذات العلاقة!.
وبقطع النظرعن الخلفيات والنتائج السياسية المتعلقة بالإستقبال في حد ذاته ودور رئيس الجمهورية في موضوع خطير كهذا، فإن تكوين لجان التحقيق الإدارية أو البرلمانية -وإن كان حقا ثابتا للسلطتين التنفيذية والتشريعية في مسائل متعددة تدخل في إختصاصهما- إلا أن مبدا الفصل بين السلطات يمنع عن تلك اللجان التعرض للقضايا المنشورة لدى المحاكم حتى وإن كانت تحت نظر النيابة العمومية وبالأحرى في تعهد قضاة التحقيق أو المحاكم مهما كانت طبيعتها أو درجاتها.
ومن الواضح -خلافا لما يبثه بعض فقهاء السلطان أو أصحاب المصالح! -إن تبرير ذلك المنع يرجع إلى التخوف من التأثير السياسي على أعمال التحقيق القضائي وما يترتب عن ذلك من تهديد لاستقلالية القضاء ومنح الإدارة أو المجالس الإدارية أو البرلمان قوة مؤثرة على السلطة القضائية يمكن أن تؤدي إلى المساس بحريات الأفراد وحقوقهم.