يوم لدغني “البوقليز”
يومها ضبطت موعدا سرّيا مع وردة بنت خالي قريبا من عين الماء بعد أن اطمأننت أنّ نعيمة بنت عمّي لن تعود للدوّار قبل غروب الشّمس لأنّها اصطحبت يمّة وخالتي إلى القرية المجاورة لحضور حفل ختان، وكنّا ننوي أن نقضي أمسية رائقة نلعب ونمرح، وأغنّي لها أغنيات بدويّة شجيّة لقاء سماحها لي بأن أقرصها من بنوارها الزنزفوري الموشّى بنوّرات ضخمة،
بمجرّد وصولنا إلى عين الماء، طلبت منّي وردة بنت خالي أن أجمع لها عيدان الخشب من الغابة القريبة لنبني لنا كوخا صغيرا نمثلّ فيه لعبة العروس والعريس، اندفعت إلى الغابة وأنا لا أصدّق أنها اقترحت عليّ أن نلعب تلك اللّعبة المثيرة، وفي غمرة بحثي عن جذوع الأشجار المهملة لم اتفطّن أنّني اقتربت جدّا من خليّة “بوڤليزات”، لدغني أحدها من شحمة أذني ولدغني آخر من أرنبة أنفي، فقفزت في الهواء من الألم وأطلقت صرخة استغاثة تقطع نياط القلب، فهبّت إليّ مسرعة تستطلع الأمر، فهالها مشهد وجهي الذي بدأ يتورم ويزرورق، مسحت دموعي وسحبتني قريبا من العين، لطخت وجهي بالطين فتضاعف وجعي وعلا صراخي أكثر ،فلم يكن بدّ من ركوب بغلتنا والعودة للدوّار، حيث تركتني وانصرفت، حاولت أن أخفف من الألم بكل الطرق فالتجأت لزيت الزيتون والسمن والعسل ولكن بدون جدوى، في الأثناء تورّم وجهي بطريقة تدعو للفزع، وعندما وصلت يمّة ونعيمة ادّعيت لهما أن البوقليز اقتحم عليّ البيت، فتساءلت نعيمة مشككة:
– إيجا وريني وين البوقليزات، تلقاك طالع وين مشيت
تصمت قليلا، ثم تصرخ مغتاظة
– ما تكون كان مشيت للعين مع هاك بنت الحرام وردة، غادي بالحق موجودين البوڤليزات، هاو ربّي فضحك.
قالت ذلك، وتركت الغرفة باكية، لتلهبّ يمّة ظهري بشلاكتها البلاستيك، وهي تصرخ في: – من توّ ادّورلي بالبناويت يا ولد الحرام، كان جيت على الأقل وصلت للسيزيام!، ولم تتوان عن اشتكاء وردة ليمّها التي فركت الفلفل الأحمر في عينيها وهو ما يعادل الإعدام في القوانين الوضعيّة.
لعن الله البوڤليزات إلى يوم الدين.
نصوص ممنوعة، من سيرتي
*البوقليز: الدبور