يبدأ الفساد في الدولة مثل رأس السمكة: من عينيها لكن يمكنك أكل ذيلها
أنا أحب أن أكون مواطنا صالحا محترما للقانون حتى خجلا من ذكرى الناس الذين ماتوا من أجل الحرية، لكن الحكومة لا تحب ذلك، وتفعل كل جهدها لكي تفسد مشاعر المواطنة عندي:
في أول مفترق مرور، الناس يتقاتلون في غياب الدولة، كان ثمة ضابط مشغول بالحديث مع صديق له عن سهرة الأمس وعون أمن شاب يلعب بالهاتف أمام شاحنات فوضوية بلا ترقيم، في مفترق آخر، كان ثمة باعة متجولون وأشياء مجهولة المصدر ومعاقون مزيفون يوقفون الجولان متى أرادوا، حيث كل واحد يفعل ما يريد، أجد شارعا محكوما بالفوضى: حلاق يستأجر 15 مترا مربعا ويحوز لأصدقائه رصيفا ومعبدا بعشرين مترا، ميكانيكي حول النهج إلى مأوى للسيارات المعطبة منذ أكثر من عشرين عاما، المقهى الذي أشرب فيه قهوتي يستولي على كل الرصيف وثلث المعبد، أضع سيارتي بينهم، لكن الشنغال لم يرها إلا هي: 35.500 د، لم أفهم بعد كيف أخرجوها من بين السيارات الأخرى، قال لي صاحب المقهى: “عاد قلتلي قبل ؟” لأنه أكثر سلطة من الدولة، لأن القانون جعل للغرباء والأغبياء فقط،
صديقي عنده مقهى وستة محلات حماصة، وبعضنا يشك أنه يتاجر في الحليب نصف الدسم والزيت المدعوم، لكنه دائما يدعو للصحفيين بالخير: “المهم الستر، أطلب الستر”، مرة قال لزميل منا مقرب منه: “تي ياخي ما شافوني كان أنا ؟ الناس تلعب بقلم متاع مليارات يا ولدي، شبيك ضايع فيها”، مقارنة الفاسد بمن هو أكبر منه، ذلك، أن الفساد في الدولة مثل الفساد في السمكة: يبدأ دائما من رأسها، أنظر إلى عينيها، إذا ما أصبحتا رماديتين، فهي مثل الدولة، لم تعد ترى الفساد أصلا، وما دمنا في السمكة، فإنه يمكن دائما أكل ذيلها حتى إن فسد رأسها، وأصدقائي الصفاقسية يقولون: “كيف السردينة، نحي الراس وكول”،