عتبة الـ 5 %.. أو آن أوان الفرز الحقيقي

الخال عمار جماعي

بالمصادقة على تحديد المشاركة السياسية بهذه النسبة سوف يكون المشهد السياسي الحزبي فيما بعد 2019 أكثر وضوحا وتمثيليّة ربما. قلت “ربما” لأني لا أتوقّع تغيّرا لافتا في المشهد عموما.. ولكن لننظر إلى الأمر من جهة أخرى !

بصرف النّظر عمّا تمثله هذه النسبة من تدرّج معقول في ترشيد الممارسة السياسية فإنّها تنبّه إلى أمور مهمّة وهي أنّ حالة الشتات الواقعة للطوائف السياسية المنشطرة عن بعضها والمشتقّة من نفس العائلة قد آن لها أن تجتمع أو تختفي نهائيا وأنّه لم يعد ممكننا -وقد طالت مرحلة الإنتقال الديمقراطي- استحواذ بعضهم بقانون “أكبر البقايا” على كرسيّ برلماني لا يكاد يمثّله إلا هو أو جهته أو قبيلته !! وأنّه من غير المعقول أن نجد حزبا كـ “المسار” يشارك في حكومة بدون تمثيل نيابي !.. هذا من جهة المبدأ العام الذي يعنيه وضوح الكتل والتمثيليات الحزبية وما سوف يتيحه من تشجيع على الإنتظام والإختيار والمشاركة الشعبية في الإنتخاب!

أما من جهة عمليّة براغماتية -أقصد البراكسيس- فإنّ الأمر فيه نظر ! فبقدر حنقي على تذرر كثير من العائلات السياسية بداء الزعامة وغياب المؤسسات ودكتاتورية الزعيم فإنّي أرى أنّ هذه العتبة سوف تهدد كيانات ونزعات إصلاحية لم تنضج بعد أو أنها تحتاج فترة للإنتشار في الطبقات الإجتماعية ولها أن تقول أنّ القضية ليست في نسبة المشاركة بل في “المشهد الفاسد” نفسه ! يعني أنّها كيانات -من كل المشارب- ليست ضعيفة في ذاتها بل المشهد كلّه قائم على تهميش صوتها وضرب حضورها: أجندات الإعلام تخدم صورة حزب دون آخر، مال فاسد يتدفّق من كيانات إقليمية لخدمة مصالحها ومواقفها، لا مبدئية أحزاب القديمة وأذنابها، توافقات مشبوهة بين الأحزاب الكبرى، شبهات تحوم حول الإنتخابات.. إلخ.
لولا هذه المسوّغات لكان أولى بنا أن نشترط عتبة الـ 10% حتى لا نسمع صوتا كـ “عبير موسي” وأمثالها !!
فانظروا في أمركم !!

“الخال”

Exit mobile version