تدوينات تونسية

تقييم الأمهات للمعلّمين

عايدة بن كريّم

توجد ظاهرة جديدة في المجتمع التونسي، وهي تقييم الأمهات للمعلّمين والمدرّسين متاع أولادهم… الأمهات وليس الآباء لأنّ الظاهرة هذه هي نتيجة لنمط العيش متاعنا الذي استقال فيه الأب نهائيا من كلّ شيء له علاقة بالعائلة وأصبح دوره يخدم ويجيب الشهرية ويقعد في القهوة حتى يطيب العشاء ويكمّل الصغار مراجعة دروسهم… والأم متحملة المسؤولية بوه على خوه… وتشوف نفسها مسؤولة على كلّ شيء ومُطالبة بالنتيجة أمام الجميع.

“المعلّمة ما تعرفش تفهّم”… “المعلّمة ما تعرفش تقرّي”… “هاذيكا المعلّمة تقرّي بالغالط”… “أنا ولدي كيف يروّح للدار نحطّه قدّامي ونقريه بطريقتي… ما تعجبنيش الطريقة إلّي تقرّي بها المعلّمة”… “أحنا في وقتنا نتعلّمو الحرف ومن بعد الكلمة والصغار تو يعلّموهم طول يقروا الجملة”… “أنا ولدي في الدار يعرف يقرا ويكتب وفي القسم يتبهّم على خاطر المعلّمة بهيمة…”… “أنا ولدي نهار الأحد يمشي يقرا عند معلّم مُتقاعد قرّاني وقرّا أخواله…”…

هذا الحديث يتردّد أمام المدارس بين الأمهات وفي الميعادات متاع النساوين في الحومة وفي الإدارات بين الزملاء وفي قاعات الإنتظار بالمصحات والمستشفيات… نساء عندها مستوى جامعي يعني لديها ما يكفي من الوعي لتفهم أنه يوجد تغيّر في أشكال نقل المعرفة… ونساء أحيانا ما عندهاش مستوى السنة سادسة إبتدائي وتسمح لنفسها تقيّم المعلّمة أو المعلّم (أما خاصة المٌعلّمة) وتعطي رأيها في مناهج التعليم… وتناقش في طريقة التدريس… وبجهلها وقلّة معرفتها تتحوّل إلى كابح أمام تعلّم ابنها… وبادعائها العلم تفرعس عقل صغيرها وتشوّش عليه مكاسبه…
المُعلّم لديه مُقررات وبرامج وكراسات يقرّي بها ولديه مُتفقّد يتابع طريقة تقديمه للدرس… وهو مُلزم بتلك البرامج التي سهر على وضعها مُتفقّدون ومُختصّون في المناهج…
المُعلّم(ة) أحيانا هي في رتبة أستاذ(ة) وعنده(ا) الإجازة ولديه(ا) تجربة بعشر سنوات أو أكثر… وتجي ولية موش فاهمة كوعها من بوعها تسمّعها الكلام وتقول لها أنت ما تعرفش تقرّي وتقرّي بالغالط… وقدّام ابنها زادة.

•••

أيتها الأمّ الحريصة على تعليم ابنك بالصحيح…
علّم ولدك يغسل يديه ويحكّ سنّيه ويمشط شعره وعلمّه كيفاش يتكلّم وكيفاش يسلّم وكيفاش يحترم إلّي أكبر منه… وعلّميه كيفاش يشقّ الكياس وكيفاش ما يلعبش الكرة في وسط الطريق العام… وعلّميه كيفاش كرّاسته تكون نظيفة وأوراقها موش مقطّعين وإلاّ مثنيين… وعلّميه ما يدغبش في الكتاب… وعلّميه يحترم المُعلّم (ة) ويقدّس العلم.
أما حكاية القراية والمناهج والمقررات تتحمّل مسؤوليتها المُعلّم(ة) والمدير والمتفقّد والوزارة…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock