خرج الاستعمار أو هكذا قيل. استقلت بلداننا ولكن ما معنى استقلال والمواطن فيها لم يتحرر؟ إذ بقي رهين الجوع أو المرض أو الجهل، فإن لم يكن بقي مستعبدا من قبل أنظمة استبدادية. وإلا فما معنى بلد مستقل إن كان المواطن مضروبا على يديه وعلى رأسه وعلى مصيره؟ هل يمكن أن تتحرر بلدان تحولت إلى سجون؟
إلى اليوم، العرب الذين تحرروا بالفعل هم الفلسطينيون. شعب الجبارين قالها عرفات، ليست لهم حسابات خارج حسابات الوطن والاستقلال والتحرر. يحاصرهم العدو من كل الجهات برا وبحرا وجوا، تمر على حصارهم سنوات وسنوات. لم يثنهم الجوع ولا المرض ولا انقطاع الكهرباء ولا انقطاع الماء ولا انقطاع الغاز، ولا انقطاع التموين، ولا صغر المساحة.
هم وحدهم الذين تحرروا. لم يثنهم مكر العدو ولا سلاح العدو التي تهابه الجيوش النظامية العربية جميعها، لم يستكينوا. لا يترددون في الرد على العدو، الضربة بالضربة. وفي كل مرة يمرغون أنف العدو الذي تحني له حكام العرب الجباه. غزة تعلمنا، تعلم أحرار العالم الدرس ثم الدرس ثم الدرس. تحي فلسطين.