تدوينات تونسية

تراتيب تحتاج إلى ترتيب ..

علي المسعودي

بالنسبة للجامعة العامة للتعليم الثانوي، الشيطان يسكن دائما في تفاصيل التراتيب ! .. والشيطان هذه المرة وجد المساحة الكافية لينطّ ويتمرّغ بين السطور كما يحلو له، بل وينجب ما شاء من البنات والبنين من ذوي القرنين الناتئين !! ..
كلما ضاقت السبل بالحامعة العامة ازداد اغترابها، وهروبها من حقائق الأشياء، وسقوطها في حالة انكار مأساوية إلى حدّ الإشفاق ..

حدّث بيان التراتيب قال: يواصل المدرّسون التدريس بصفة عادية وفقا لجداول الأوقات الرسمية.. (المقصود فترة الامتحانات التأليفية)…
يمتنع المديرون والنظار عن تسلم مواضيع امتحانات الثلاثي الأول، أو نسخها وتوزيعها..
انتهى الاقتباس.

في الواقع هاتان الجملتان تحتاجان إلى شرح واف، ضاف، شاف وكاف، وإلى حواش على الحواشي.. ولكن نظرا لضيق وقتكم الثمين يكفي أن نذكر رؤوس الأقلام التالية :

• إضراب المقاطعة، عكس ما يذهب إليه الكثيرون، هو فرض كفاية على المدرسين.. إذا نهض به المدير، سقط عن الجميع.. وقد يتحوّل بالضرورة إلى فرض عين على كل المكلفين.. إذا لوحظ أنّ التاركين له كثر، ولهم إصرار على القيام بالواجب اللعين !..
• الحق في الإضراب مقدّس، أما الحق في العمل فسنرفع في وجهه قانون الطوارى النقابية نظرا للظروف الاستثنائية.. وإذا حدّثتهم عن الدستور.. ستكون الإجابة الوحيدة: طز !.
• مسك الفروض، ونسخها أو ترويجها بين مجتمع المدرسين هو من الجرائم الخطيرة، تعادل نظائرها من جرائم “الكيف”.. ولا ينتقص شيئا من بشاعة هذه الجريمة دفعك بحرّية الرأي والإختيار، أو الحرص على المصلحة العامة.. ولا حتى التزامك بعلوية القانون !
• “الجداول الرّسمية” هي مصطلح فقهي لا يمكن فهمه إلا إذا أخذنا بأسباب النزول… وبالزمان الذي تشير إليه العبارة، وهو اجتماع الرابع عشر من سبتمبر.. فالجداول المسلمة حينها، وحدها تحظى بصفة الرسمية..! أما جداول العمل الطارئة، والتي تسلم في المناسبات الصغيرة المحدودة في الزمان كالامتحانات مثلا، فهي لا تتخذ طابعا رسميا وإن سلمتها جهة رسمية.. هي ليست بشيء.. وفي عرف التراتيب هي بدعة.. وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار..!! ..
• إذا بلغ الفطام لنا صبي… تخرّ له الجبابر ساجدينا……. هكذا ينطق لسان حال الجامعة العامة.. فما إن ينوي مدرس بينه وبين نفسه تنفيذ قرار المقاطعة حتى تنتقل هذه النيّة بالتخاطر بأسرع من موج الأثير ويتجنّد كل من في المؤسسة لخدمته: القيم يلغي مواعيده “التأليفية” بكلّ محبّة.. ويغير من طبيعة جدوله مراعاة لمقاطعة الأستاذ.. والولي يمنع ابنه من التحضير للامتحان ويوبّخه بشدة قائلا: ألا تعلم بأن سيدك مقاطع للامتحانات، وأنه عليك أن تفعل مثله.. وتساعده بحضور درسه بدل الامتحان ؟؟ ثم يرافقه لباب المدرسة ولا يتركه إلا حين التأكد من أن المدرس قد قام بواجب المقاطعة على الوجه الصحيح.. فيغادر جذلا، وقد علت أساريره كل تهاليل الفرح !!..

•••

نصيحة مجانية للمكتب الجامعي والفروع الجامعية المختلفة: كل الاجتماعات الدوارة بالمدرسين في مختلف الجهات هي بلا معنى.. ولن تدفع عنكم الفشل المرتقب.. “الأساتذة المكلفون”.. وهذه هي التسمية الرائجة في بياناتكم هم الصخرة الوحيدة التي يبنى عليها كل أساس.. إذا أخطأتم الطريق إليها سينهدّ كل البناء.. وللأسف الشديد المديرون والنظار لم يعد في إمكانهم الخضوع لأوامر تختفي وراء كل ترتيب.. ولأن أصواتهم بحّت من أجل إبلاغكم بعضا من الشكوى.. فقد أصابهم داء الصمم.. ولم يعد بإمكانهم سماع أصواتكم في الحرب أو حتى السلم..

.. “في الصيف ضيّعت اللبن” ..

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock