لم يكن “نظام السّابع” حين ظهر في بيانه الاوّل “ظالم وعميل وتابع” ! كان انفراجا حقيقيا لأفق قد انغلق تماما ! كانت اشواق التغيير قد بلغت مداها والشجرة البورقيبية قد تيبّس عودها وتنتظر جسورا ليكسرها !
تضمّن البيان أكثر ممّا طمحت إليه المعارضة لهذا انخرطت اطيافها في “الميثاق الوطني” ووضعت “ثقتها” في الجنرال القويّ ! للتاربخ والحقيقة وحدها “أمّ زياد” (السيدة نزيهة رجيبة) هي من كشفت تهافت الآمال المعلّقة على الجنرال وعمى بصيرة الطبقة السياسية ! لم يمنع هذا النظر إلى البيان على انّه “انقاذ للبلاد و للرقاب”! .. واليوم -وقد هدأت الجمجمة- اراه “انقاذا لحزب بدون لون” كان اسمه “الحزب الحرّ الدستوري” ثمّ أصبح “الحزب الاشتراكي الدستوري” ليكون بعده “التجمّع الدستوري الديمقراطي” لينتهي اليوم إلى “حزب نداء تونس” ! حلقة تنقذ اختها كلّما ضاقت البلاد به !
هذا الحزب له قدرة عجيبة على الاستمرار ! بل له من المرونة السياسية ما يجعله قادرا على تجاوز ازماته واخذ زمام المبادرة كلّما افتكتها جهة أو منظمة أو حتى “ثورة” حتى غدا هو الدولة ! وله اقتدار على استيعاب الروافد : وطنيون ويساريون ومحافظون..! وسريعا من يركب الموجة وينهض من رماده !.. دعكم مما علق به من “أوهام السلطة” وخزعبلاتها وقل ما تريد عن انتهازيته ولا مبدئيته، بل انظروا في ميكانيزمات تحوّله وأترك أيضا تفسيرات التوازنات الجهوية والساحل والبلدية وو.. فهي تفسّر ولا تستخلص رؤية !
اعتقد انّ هذا الحزب له “شرعيته الشعبية” التي لم تنقص الثورة منها شيئا كثيرا.. فخطابه حتى في احلك الفترات لم يكن شعبويّا (المرة الوحيدة كانت في خطاب بن عليّ الأخير الذي أسقطه !) بل صنع لنفسه موقعا وسطيا في كلّ شيء وهيّا كوادره دائما للحكم وممارسة السلطة (هذا يفسّر مثلا فشل التريويكا في إدارتها !) هذا الحزب “تونسيّ بإمتياز” كان كلّ همّه سياسة المدينة بـ “الشخصية التونسية” (انظروا تنظيرات بن سلامة لها في كتبه) التي -وهذا رأيي- لم تفهمها الأحزاب الأيديولوجية ولا حتّى الأحزاب الليبرالية جدا !..
هذا توصيف ومقاربة، والخلاصة أنّه “حزب غير قابل للإندثار” وسيظلّ في الصورة دائما (ربما هذا ما فهمته النهضة قبل غيرها فلم تعلن عليه الحرب فجاءت بـ “الثعالبي” الجدّ !) بهذا المعنى في قراءة مستقبلية لشان تونس علينا أن نستوعب أنّ هذا قد اصبح لازمة سياسية لا مهرب منها وهي “درس سياسي” لمن أراد ان يحكم هذا البلد لفهمه اوّلا وتغييره ثانيا.. ليس للأحزاب الطرفيّة مستقبل إذا لم تستوعب “الدرس الدستوري” ولم تأخذ الشخصية التونسية في اعتبارها !
هذا حديث الجمجمة.. ولكنّ حديث القلب شيء آخر !
#يسقط #نظام #السابع ولكن #هل #سقط #فعلا ؟!؟!
“الخال”