رأيتُ، فيما يرى النّائم على أذنيْه، أَنّني كنتُ قاضياً في النّزاعات بين الدّول، فكلّفني الأمين العام للأمم المتذابحة أن أسافر إلى نجد والحجاز، أستطلع الخبر حول من قتل الكاتب جمال خاشقجي !
وصلتُ إلى المطار في حراسة طائرات أمريكيّة، ثمّ أخذوني إلى القاعة الشّرفية، ثمّ إلى قصر الخورنق في مدينة الملح. وهناك تذكّرتُ قول شاعرنا اليشكري :
وإذا سكرتُ فإنّني ربُّ الخورنق والسّدير
وإذا صحوتُ فإنّني ربّ الشّويهة والبعير !
ثمّ دخلتُ على قوم ما حسبتُ أن أرى مثلهم، كلّهم حياء وسكينة، كأنّهم المحجوبة في خدرها، تبدو عليهم التّقوى، ولا تسمع سوى قرع مرجان المسبحات في أيديهم !
سألتُ من ظننتُ أنّه رئيسهم : من أعطى الأمر بقتل جمال خاشقجي ؟!
قال : طال عمرك ما نعرف !
قلتُ : فإنّ الطيّب أردوغان وهو مثلكم لا يكذب، قال إنه مسؤول كبير جدّا لكنّه ليس خادم الحرمين، فمن يكون مسؤول دونه؟
قال : طال عمرك ! ما فيه مسؤول كبير جدّا غير خادم الحرمين الشريفين، وهو لم يأمر بالقتل !
قلتُ : صدقت ! لكن قيل أنّه شخص في مقتبل العمر سجن الأمراء والعلماء وذاع صيته على الألسن وفِي المجلات الأمريكية وتعرفه إيفانكا الجميلة؟
قال : طال عمرك، ما فيه عندنا بهذه المواصفات ! ما نعرف من قتل ولا أين الجثة، هؤلاء مارقون خرجوا من الحجاز عن أمر الحاكم فهم خوارج جدد…
قلتُ : ما أكثر هؤلاء الخوارج عندكم ! يا سيّدي … أمري إلى الله سأعود إلى الأمين العام للأمم المتذابحة بتقرير أكتب له فيه : طال عمرك، الطيب أردوغان يكذب. ما فيه مسؤول غير الملك هنا. وهو بريء من دم جمال خاشقجي !
ثمّ أضفتُ: سيّدي : أريد أن أستغلّ الفرصة وأذهب إلى مكة معتمرا، ولكن أرجو إخفاء الأمر عن الإعلام، خشية أن يتهموني بالتطرّف!
فقال مخاطبي : طال عمرك! تفضل في حماية خادم الحرمين … بشرط !
قلتُ : وما الشرط؟
قال : تدعو لأميرنا !
قلتُ : نعم أدعو للملك!
قال : ومع الملك تدعو لأميرنا بالتمكين!
قلت : من أميركم؟
قال : ولي العهد مكّنه الله!
قلت : طال عمرك ما أعرفه !
قال : هو أشهر من جبل فوقه نار!
قلتُ : طال عمرك ! ما سمعتُ به قطّ !
قال : لقد شاع خبره عند الفسابكة، بعضهم يسميه إم بيأس، وبعضهم يلقّبه بأبي منشار !
قلتُ : طال عمرك والله ما عرفته !
قال : اسأل عنه الطيب أردوغان !
قلتُ : طال عمرك ! الطيب أردوغان يكذب!
✍🏽 #بشير_العبيدي | صفر 1440 | كَلِمةٌ تَدْفَعُ ألَمًا وكَلِمةٌ تَصْنَعُ أمَلًا |