حول إضرابات الاتّحاد
نور الدين الغيلوفي
اتّحاد الشغل يقرّر إضرابًا عامًّا بيومين: يوم من نصيب القطاع العام والآخر في الوظيفة العمومية.. (وللمواطن أن يجتهد لمعرفة الفرق بين القطاع العام والوظيفة العموميّة)..
قرار الإضرابَيْن يأتي بعد لقاء الطبوبي السفير الفرنسيّ..
فهل يمرّ المراقب على تعاقب الحدثين مرور الكرام أم يربط بسهم بين أمرين هما أشبه بالسبب ونتيجته؟
وتأكيد الإضرابين يأتي بعد تلقّي الدعم من حزب النداء المتبقّي بقيادة السبسي الابن…
فهل يأتي الإضرابان كلاهما نُصرَةً للسبسي الابن على رئيس الحكومة يوسف الشاهد في معركة حزبية داخلية تحوّلت إلى غزل بين جهتين جمعهما الاستهداف من قِبل جهات خفية؟
يبدو كأنّ الاتّحاد صار جيشا انكشاريا يعمل وكيلًا لبعض القوى تلجأ إليه لخوض معاركها ضدّ خصومها لقاء ما لا ندري من امتيازات لا حدّ لها…
يكفيه اجتماع لهيئته الإدارية بنزل فخم لا تقلّ نجومه عن الخمس دعمًا للسياحة الوطنيّة.. وأكل حتّى التخمة وسهر حتّى مطلع الفجر.. ليصدر بيانًا قليل الأخطاء فيه انتصار للعمّال ووقوف إلى المسحوقين وحرص على المرافق العامة ضدّ التفويت.. وعبارات فخر مكرورة من قبيل “وحده الاتّحاد يقف سدّا منيعا ضدّ الظلم والقهر والجَوْر والاستغلال.. وحده يقف شامخا في وجه العواصف الأعاصير والزلازل والبراكين.. ولولا الاتّحاد لما قامت ثورة وما فرّ مخلوع.. ولولاه ما لاح برق ولا ترنّم طائر…
التفويت ليس جديدا على بلادنا.. ولكنّنا لم نكن نسمع لقيادة الاتّحاد الخالدة فيها أبدًا اعتراضا على التفويت في زمن المخلوع.. كانت تكتفي من الاحتجاج بلافتة كُتب عليها “لا للتفويت العشوائي”.. وكان النظام يفوّت في المؤسّسات على مرأى ومسمع من قيادة الاتّحاد.. ولا تتحرّك لهؤلاء قصبة.. واللافتة معلَّقة…
اليوم يمضي الاتّحاد في شنّ إضرابات تهدّد بشلّ بلاد لا عملَ بها أصلًا بذرائع لا يفهمها غير الراسخين في العلم النقابيّ.. وبمثل هذا القرار يمعن في الهروب إلى الأمام باتّجاه المفاصلة مع الشعب ومنظومته السياسية التي لا يزعم أحد أنّها على خير ما يرام.. وبذلك يصرّ مكتب اتّحاد الشغل التنفذي على أن يكون جزءا من المشكل عوض أن يساهم في تقديم الحلول..
لم يعد من المقبول أن يقدّم الاتّحاد نفسه كما لو أنّه هيأة ملائكية جمعت الوطنية والشفافية والنزاهة والحرص على مصلحة الوطن دون غيرها…
لم يعد ممّا ينطلي على الناس أن يستمرّ الاتّحاد في أفاعيله وأن يمضيَ في عنترياته كما لو كان فوق جميع القوانين. وفوق الدولة والمجتمع.. يطلب التنزيه لقياداته التي لا تخضع لمساءلة ولا يطالها قانون.. كأنّهم وُلدوا في مهدِ الشفافية والنقاء…
إنّ منظّمة يقودها عبد السلام جراد وحسين العبّاسي وسامي الطاهري وبو علي المباركي وبلقاسم العيّاري وعبيد البريكي لا يمكن لها أن تكون في صفّ الشعب ولا في خدمة المسحوقين…
لم أذكر الأمين العام السيد الطبوبي لأني أرى فيه مجرّد واجهة.. لا تستطيع…