الإثنين 16 يونيو 2025
سمير ساسي
سمير ساسي

المستقيلون لم يلتزموا أخلاق العمل السياسي

سمير ساسي

من البديهي أن تكون هناك إستقالات في الأحزاب فهي في النهاية آلية من آليات حسم الخلاف بطريقة ديمقراطية في حال لم يتوصل المختلفون لاتفاق، لكن هي تتمتع بهذا الوصف في حال احترم المختلفون أخلاقيات العمل السياسي والحزبي وكانت إستقالتهم على أسس متينة وخلاف حقيقي وليس اعتبارات شخصية وتموقعات وطموحات. 
للاسف ما تشهده الساحة الحزبية في تونس من إستقالات إلى حد الآن لم تخرج عن النوع الثاني أي إستقالة الطموح الشخصي فبعد حزب المولوتوف الذي هو أصلا تجمع لصوص انتهازيين إذا لم يجدوا مصلحتهم تفرقوا جاء خبر حزب المرزوقي وهذا فيه تأمل.
قد يكون لشخصية الرئيس دور في هذا الخلاف وكذلك طبيعة شخصيات بعض المستقيلين ممن أعرفهم لكني أنظر إلى الإمر في بعد أعمق، المستقيلون لم يلتزموا أخلاق العمل السياسي ولست هنا لأدافع عن المرزوقي ولا أنحاز لأحد وإنما أبين أن الأمر خطر على العمل السياسي والمدني إذا انتشر وأصبح تقليدا فكيف هو الأمر.
جاء في بيان المستقيلين أن الحزب أصبح واقعيا منضويا تحت جناح أحد أطراف الحكم بناء على حسابات إنتخابية صرفة خلافا للخط السياسي الذي يؤكد استقلاليته عن أطراف الحكم مؤكدين أن ذلك أدى إلى اصطفاف إقليمي منحاز لأنظمة بعينها بشكل آلي على حساب المصالح التونسية العليا والسيادة الوطنية والدفاع عن الديمقراطية وقيم الحرية”.
ولا يحتاج المتابع إلى علم خارق ليفهم أن المقصود هو النهضة داخليا والحلف القطري التركي خارجيا.
وسأسلم بصحة هذا التعليل لأسأل هل المرزوقي وحده المسؤول عن هذا الإصطفاف من رسم سياسة الانحياز الاقليمي حين كان منصر والكحلاوي في الرئاسة لماذا سكتم طيلة هذه الفترة هل ستنشئون حزبا في غير محور اقليمي معين أليس لكم إنحياز إقليمي أليست هذه الإستقالة إنحياز في اتجاه معين (نرجو ذلك) هل تتهمون المرزوقي بالخيانة العظمى للوطن هل تشككون في دفاعه عن الديمقراطية (أقول هذا لرجلين أحتفظ بعلاقة صداقة طيبة معهما).
هذه الأسئلة تحتاج وقتا لتثبيتها أو نفيها لكنها تضع ظلالا كثيفة من الشك حول جوهر هذه الخلافات وهذا ما أعنيه بالضبط من القول بأن هذه الإستقالات شرخ خطير في العمل الديمقراطي لأنها تبعث برسالة خاطئة لجيل المستقبل إذا ثبت أنها بسبب طموح انتخابي آخر أو اصطفاف مختلف فهي تقول عندئذ أيها التونسي كن انتهازيا ولا يهمك أين يقع الباقي.
وجب أيضا أن لا يسعد الآخرون بهذه الإستقالات لأن الجميع في أرض الطاعون فإما أن نتحلى بالرجولة السياسية أو سيذهب الجميع إلى الجحيم، والجحيم أعني به موت السياسة.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

سمير ساسي

الاتحاد الأوروبي و حماية الصحفيين

سمير ساسي  حماية الصحفيين .. لقد كشف الطوفان أن لدى الاتحاد الأوروبي مأزقا حقيقيا مع …

سمير ساسي

الخطاب الأمريكي تجاه طوفان الأقصى

سمير ساسي  تتحرك حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد فورد في اتجاه شرق المتوسط وترتفع ألة الإعلام …

اترك تعليق