حذاء “الزّعيم”
فوزي الطلحاوي
رحل محمد الصيّاح بما له وما عليه، رحل وبقيت حكاياته مع الزّعيم، حكايات مضحكة بالنّسبة إلى الحمقى والمغفّلين ومؤلمة بالنّسبة إلى أبناء الوطن الصّادقين الوطنيين المهمّشين، حكايات تستبطن التّلاعب بمصير دولة وشعب ووطن كاد يذهب في لعبة وصوليّ ورهان مقامر، رحل وخَلَفَه سمير عبد الله ليسرد على مسامعنا حكاية عن “الزعيم المجاهد الأكبر” الذي أحبّ ذرّات شعبه ذرّةً ذرّةً حدّا جعله لا يفكّر في شراء حذاء جديد بل قد دفعه ذلك الانشغال البالغُ بأوضاع شعبه إلى أن يبعث خادمه إلى الإسكافيّ ليصلِحً له حذاءه، مستعطفا إيّاه أن لم يبق في قدمه ما يجعل منه حذاء، كم انت فريد في الزّمن أيّها الزّعيم !
سمير عبد الله يا ذا اللّئيم الذي أراد أن يستعيد خرافات عن الزّعيم على مسامع جيل العولمة الافتراضيّة، جيل غير جيل القمَّلِ والفلاّيةِ وتوجيهاتِ الرّئيس و”قافلة تسيرْ” ومدائحَ وأذكارٍ… واحتفالاتِ 3 أوت التي تصرف فيها من الأموال ما يمكّن آلافَ التونسيين لا من أن ينتعلوا الجديدَ من الأحذيةِ فحسبُ بل ما يجعلهم مكتسينَ مكسوينَ من الثّوبِ أجدَّه ومن الكساءِ أزْهاه…
لم يكن الزّعيمُ ليبخلَ على شعبه بمحبّته محبّةً صيّرته يتّخذُ له في كلّ مدينة قصرا قد يحلّ به ركبه مرّة في السّنة او قد لا يبيت به ولو مرّة، هذا عدا قصور قرطاج وسقانص ومرناق.
سمير عبد الله أيهّا المتحذلق، لقد ولّى زمن الزّعيم والحذاء مع غروب شمس محمد الصيّاح وألاعيب محمد الصيّاح وأكاذيب محمد الصياح الذي كان منشغلا أيّما انشغال لا ببناء الدّولة وهموم الوطن قدر اهتمامه بالتحيّل على الزّعيم الذي أخذ منه الغرور مأخذه كما أخذ منه المرض مأخذه فتحايل عليه “بفردة الصباط” التي زعم انّ زعيمه كان قد تركها في رحلته الصحراويّة بمنفاه بأقصى الجنوب التّونسيّ كما كان يتحايل عليه انّه يسهر اللّيالي بحثا عن معلومات عن سيرة الزّعيم النّضاليّة ليضعها في تأليف حول “المجاهد الأكبر” إضافة إلى تحايله عليه بانشغاله بانتقاء أجود أنواع الرّخام لمقبرته مقبرة آل بورقيبة… هكذا عرفنا الصيّاح، أيّها الدعيّ، لم يكن فردا بل كان حزبا ومنهجا وفكرا ملوّثا وطغمة فاسدة وتاريخ دولة يحاول امثالك ممّا كسدت تجارتهم استعادة سخافاتها، فاخرس، ثكلتك أمّك… لقد عشنا طفولتنا وقسما من شبابنا على إيقاع الصيّاح ومنصور السخيري وسعيدة ساسي وتلك العصابة من الانتهازيين واللصوص، وحاول بعض “المؤرّخين” الوصوليين أمثالك أن يجعلوا منهم أبطالا وطنيين، ولكنّ “ثورة البرويطة” قد أنهت مسرحيتكم السمجة، ورغم التحسّر على فشل من فوّضناهم أمرنا أن بقي لأمثالكم فحيح كفحيح الأفاعي فإنّنا واثقون ثقة كبيرة في كنس هذا الجيل لترّهاتكم وأصنامكم التي تحاولون جاهدين إعادة تركيزها رغما عن إرادتنا، ولكن ثقتنا أكبر أنّ عقول أبناء هذا الجيل وبناته وأفئدته قد مجّت سخافاتكم وتمكّنت من حبائل سحركم وأبطلت مفعوله، فهيهات هيهات أن نُلدغَ من جحوركم مرّتين !!!، ثقوا أنّه قد فاتكم القطار كما قال ذلك الذي فاته القطار وهو لا يدري أنّه نفسه قد فاته القطار…