عبد اللّطيف درباله
متى نرى حزبا سياسيّا في تونس يضع في برنامجه الإنتخابي.. وعدا بإقرار عطلة عيد الإضحى بخمسة أيّام.. وعطلة عيد الفطر بثلاثة أيّام.. مثلا.. وعلى الأقلّ..؟؟!!
فمن جهة أولى يحتاج التونسيّون وقتا كافيا ومريحا للإحتفال بأعيادهم الدينيّة.. بما يقوّي أيضا الجانب الروحاني والعائلي والاجتماعي لديهم..
كما يريحهم جسديّا ومعنويّا.. خاصّة وأنّ نسبة كبيرة منهم يضطرّون للتنقّل بين مدينة إقامتهم وبين مسقط رأسهم..
ومن جهة ثانية فإنّ إقرار عطلة معقولة بالأعياد الدينيّة هو منشّط للإقتصاد عبر دفع حركةالإستهلاك بقطاعات واسعة مثل التجارة والسياحة الداخليّة والترفيه والخدمات والنقل ونحوه.. وبالتالي فله فوائد اقتصاديّة وماليّة كبيرة..
وسبق أن شرحت في مقالات سابقة كيف أنّ البلدان الغربيّة نفسها تقرّ عطلات دينيّة مريحة لمواطنيها.. وقد تحوّلت أعيادهم الدينيّة إلى مواسم تجاريّة واقتصاديّة نشطة.. مثل أعياد الميلاد آخر السنة بأوروبّا وأمريكا وكندا وأستراليا وغيرها..
الحزب السياسي الذي سيضيف هذه النقطة إلى برنامجه السياسيّ الإنتخابيّ.. لن يُظْهِرَ فقط تصالحه مع الدين.. وتناغمه مع ميولاتهم ورغبات الغالبيّة العظمى من الشعب التونسي.. ولكنّه سيُظْهِرُ أنّه صاحب رؤية اقتصاديّة تقطع مع النظرة القديمة في تونس بكون الأعياد الدينيّة “عالة” على الإقتصاد ومجرّد “خسارة أيّام عمل”.. ليرتقي في المقابل إلى نظرة إستشرافيّة جديدة أعمق وأوسع.. حيث الأعياد الدينيّة هي ممارسة روحانيّة في نفس الوقت الذي تشكّل فيه أيضا مواسم تجاريّة بامتياز.. وذلك من عصور ما قبل الميلاد.. إلى اليوم..
لعلّ أفضل مثال على ذلك هو أنّ عطلتي عيدي الفطر والإضحى المطوّلة تحوّلت إلى بعض أفضل المواسم التجاريّة على الإطلاق في بلدان الخليج ومنها مدينة دبيّ.. والتي تشهد جميعها حركة تسوّق إستثنائيّة وسياحة داخليّة وخارجيّة.. وإقبال مكثّف على المطاعم والمقاهي والملاهي ومدن الألعاب..
وكذلك مصر.. والتي تعدّ فترتي عيدي الفطر والإضحى فيها ومنذ سنوات هي أفضل مواسم لعرض الأفلام السينمائية الجديدة.. والألبومات الغنائيّة والحفلات.. بما أصبحت معه الأعياد مواسم فنيّة بامتياز.. علاوة على الحركة التجاريّة والسياحيّة والترفيهيّة الأخرى المذكورة آنفا..
وتركيا أيضا اعتمدت في السنوات الأخيرة عطلة مطوّلة في الأعياد أعطت دفعا رهيبا للسياحة الداخليّة وقطاع الترفيه عموما..
–
يعني كلّ ذلك بالتأكيد أنّ سياسة إعتماد عطلات الأعياد الدينيّة المطوّلة في البلدان الإسلاميّة.. قد أعطت ثمارا إقتصاديّة إستثنائيّة تفوق بكثير الحرص على التشبّث الأجوف والعقيم بمجرّد أيّام عمل إضافيّة عاديّة.. وتعطي دفعة هائلة للقطاع الخاصّ.. وتنتج واقعيّا وبالتجربة مداخيل ماليّة إضافيّة مجزية لخزينة الدولة تتأتّى أساسا من الضرائب غير المباشرة مثل الأداء على القيمة المضافة على السلع والخدمات.. والضرائب المباشرة المقتطعة على أرباح الشركات والتجّار..
فمن سيملك الجرأة لإصدار الوعد الإنتخابي.. وتحقيقه إن وصل إلى الحكم..؟!!
–
بإمكانك التعبير عن رأيك في الموضوع بالتصويت على سبر الآراء عبر هذا الرابط: