أحزاب واعدة تتفتت على محارق سؤال الهوية

نور الدين الختروشي
الاستقالات المعلنة وغير المعلنة من حزب عبو تدل على أن التموقع الثقافي أو الموقف من عنوان الهوية أو الإختيار بين مشاريع الحداثة المشوهة أو المسقطة أو الشكلية ومشاريع الأصالة الجريحة أو المتشنجه أو الرجعية لا تترك خيارا للسياسي في المفاضلة بين حدين في ثنائية الهوية / حداثة وهو وضع غير مريح مع التذكير بحقيقة انتروبولوجية وتاريخية تقول أن “إنسان العالم الإسلامي” في بنيته الذهنية هو بالدرجة الأولى كائن بالدين وليس بالمتدين فقط.
كتبت وكتب غيري في أكثر من مناسبة أن موضوع الهوية في تونس وبمقاس أفقي وشعبي قد حسم لصالح تيار الأصالة. فلما أُستؤصل الإسلامي من الحياة العامة في الزمن النوفمبري برزت القنوات الفضائية وحسمت تلك المعركة بسرعة أفتقدت للعمق ولكنها أعادت تعمير المساجد بأجيال جديدة من المتدينين وفرضت الحجاب كضاهرة ثقافية بعيدة عن المنسوب والدلالة الايديولوجية في خطاب الإسلاميين.
ولكن في المراحل التأسيسية وهي حال تونس ما بعد الثورة من الطبيعي ومن أصل الأشياء أن يعود السجال حول الهوية إلى السطح ومن الطبيعي أيظا أن تتعارض هواجس النخبة مع قناعات الشارع في هذا الموضوع وأن نعيد اكتشاف حقيقة التباعد بين إطمئنان الجمهور إلى مقدساته وحيرة قطاع كبير من النخب عند حد السؤال العابر للزمن العربي الحديث دون الإستقرار على إجابة أو إستجابة متوازنة: من نحن ؟
لينتبه السياسي إلى أن موضوع الهوية والثوابت الدينية قد تكون أهم عند ناخبه من برامجه السياسية حتى لا نرى بأسف وعدم سرور أحزابا واعدة تتفتت على محارق سؤال الهوية..

Exit mobile version