كمال الشارني
حين أترك موضوعيتي المهنية جانبا، وأعود إلى تركيبة شخصيتي فإني أعتبر من حيث المبدأ أن أي حلف فيه أمريكا حلف باطل، وأن أي دولة أو طرف يعادي الأمريكيين هو من حيث المبدأ مظلوم حتى يثبت العكس، بدءا بالفيتنام وصولا إلى غزة مرورا بالعراق ودول أمريكا اللاتنية من الإنسانية المعذبة بتجار الأسلحة والنفط، حركات التحرر في مواجهة الاستعمار، الخلاصة: أنا ضد الأمريكيين من أجل تركيا.
لنعد إلى الموضوعية المهنية في الصحافة التي تجعلني أحس بالأسى بسبب الكم الهائل من المعلومات الزائفة عن علاقتنا بتركيا، منذ “القلوب التركية البيضاء” التي لا أحد يقول لكم إنها في الحقيقة بلغارية المنشأ، يجلبها تجار تونسيون عبر تركيا لتدمير القلوب التونسية السوداء، لا أحد يقول لكم أيضا إن المصانع التركية كما المصانع الصينية لا تتوسل على بوابات الموانئ التونسية، فقط ثمة تجار تونسيون يذهبون إلى تلك المصانع لأن الاستثمار في الوساطة والتهريب والتوريد العشوائي أقل كلفة من الصناعة والإنتاج.
نحن في بلد السمسرة والانفلات والإفلات، عمليا، وبالأرقام، لا تمثل السوق التونسية شيئا من حيث الحجم أمام الصادرات التركية التي تعمل على اكتساح أسواقها الحقيقية القريبة: شعوب الدول الناطقة بالتركية شمالا والعراق وإيران وسوريا مستقبلا. كل منتوج تركي ينتشر في تونس هو دليل على تفوق مافيا التهريب على آلة الإنتاج. إذا كان ثمة شيء يخيفني في الأتراك، فهي الدراما، إنهم يكتسحوننا بتلك المسلسلات والأفلام والموسيقي التي نشأ عليها جيل كامل من التونسيين دون بديل لدراما تونسية تعبر عن الواقع.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.