الميراث الإسلامي مساواة أسرية

الحبيب حمام الأحوال الشخصية عموما والميراث خصوصا تخضع للدين والعرف أكثر من السياسة. ألّا يتزوج الرجل خالته لا سياسة فيها بل دين وعرف. وكذلك ألّا ترث الطليقة، التي توفي طليقها بعد العدة، مسألة دين وعرف لا مسألة سياسة وحكم. فهي ترث إن حصلت الوفاة قبل انقضاء العدة ترث، وإلا لا ترث. وإن كانت حاملا فعدتها إلى أن تضع حملها كما قال تعالى “وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن”. كل هذا تفصيل ديني. فالميراث مرجعه ديني عرفي. ملاحظة: من ينادي بإلغاء العدة يحرم الطليقة من الميراث في هذه الفترة. قبل الخوض في تفاصيل الميراث وجب النظر إلى رؤية الدين والعرف للفرد والأسرة والمجتمع. المجتمع الإسلامي نواته الأسرة (بر الوالدين، صلة الرحم، أولوية النفقة على الأقارب، القوامة، العِرض، …) وليس الفرد (في مجتمع متكون من أفراد، لو قلت أختي سودت عرضي فهي حامل من عشيقها، لضحكوا عليك: هي حامل وما دخل عرضك أنت؟ هل أنت الحامل؟). الميراث مسألة أسرية، لا فردية: الفرد يرث باعتبار المعطيات الأسرية وليس باعتبار نفسه فقط. إذن المساواة المطلوبة يجب أن تكون أسرية. أنت ترث حظين، وأختك ترث حظا، وزوجتك ترث حظا من أبيها وأمها، وزوج أختك يرث حظين من أبيه وأمه. أسرتك ترث 3 حظوظ، وأسرة أختك ترث 3 حظوظ. هناك تساوي إحصائي. يعني لو تأخذ مجتمعا، بأغنيائه وفقرائه، فيه مليون أسرة، منها ما هي متكونة من فردين ومنها ما هي متكونة من 14 فردا، فمعظم الأسر ترث نفس القدر تقريبا (معدل الإرث الأسري). فالميراث مساواة أسرية. ماذا إذا كانت المرأة تعمل؟ ليست مجبرة على ذلك. ولكن لها ذلك إن أرادت، وتأخذ حقها كاملا قبل قسمة التركة، ثم ترث فيما تبقى. حقها في التركة بموجب عملها يسمى في الفقه المالكي: حق الكد والسعاية. فمثلا إذا شاركت هي وزوجها في تكوين تركة بالتناصف، ومات زوجها، تأخذ نصف التركة كاملا غير منقوص لها لوحدها، ثم ترث الثمن في النصف الثاني إن كان لهما أبناء. هكذا حكم الفاروق لحبيبة بيت زريق عندما مات زوجها عمر بن الحارث. المالكية استندت إلى هذه الحادثة وأسست باب الكد والسعاية. فالميراث مساواة أسرية.
Exit mobile version