على هامش مسيرة التّقرير
بعد متابعة الرّوابط المباشرة، جموع غفيرة قدمت من كلّ ولايات الجمهورية، خطاب يتراوح بين العاطفة الدينيّة الجيّاشة والكلمات الرسميّة ذات المضامين والرّسائل المتفاوتة في العمق والرّصانة.
في العموم المسيرة لم تشهد انفلاتات بارزة في الخطاب والسّلوك وبقيت في دوائر الاعتدال والمعقوليّة واحترام القانون رغم الشّعور الديني الجيّاش الغالب على المشاركين.
كلمة الأستاذ نور الدّين الخادمي كانت إطارا مرجعيّا نزّل فيه التظاهرة ضمن الروح الوطنيّة ووجه رسائله إلى رئيس الجمهوريّة،
كلمة الأستاذ إلياس دردور ركّز فيها على ضرورة الحوار ودعا إلى المناظرة بين المختلفين حول التقرير، وما كان لافتا في كلمته هو إعلانه بشكل أقرب إلى الأسلوب التّقريري عن أنّ الجامعة الزيتونية هي الوريث الشرعيّ لجامعة الزيتونة الأصلية وانّ صوتها سيكون حاضرا في كلّ الاستحقاقات الوطنية القادمة.
كلمات أخرى وشعارات لم تخرج عن السياق المعقول
نجاح هذه المسيرة في تقديري ليس في تحشيد أنصارها لتثبيت موقف على حساب موقف آخر، بل في ما وضعتها فيه السياقات من وضع اختبار في تأطير الضّمير الدّيني الشّعبي وضبط الانفعالات التي قد تصل إلى حالات العصاب المفضي إلى العنف وهو ما فشل فيه البلد في سياقات سابقة وأفضى إلى ما أفضى إليه.
نعم هناك توجّه ديني واجتماعي وقيمي محافظ يمثّل واقعا سوسيوثقافيّا لا بدّ من التعاطي معه حتّى لا يولّد قمعه رمزيّا واجتماعيّا احتقانا وانفجارا،
هذا التوجّه هو نتاج طبيعيّ لفشل سياسات التحديث القسري الفوقي والمشوّه وغير المتوازن الذي انتهجته الدّولة الوطنيّة على حساب الديمقراطيّة والتنمية والعدالة الاجتماعيّة والتعاطي الإيجابي مع قضايا الهويّة.
يحتاج البلد أن يكون للشّأن الديني ممثلون ومحاورون في الفضاء المدني يساهمون في ترتيب شؤونه ويشاركون في تقديم تصوراتهم عن المشروع الوطني، غير ذلك سيقع مجتمعنا رهينة بين مطرقة الإرهاب وسندان الاستبداد.