عبد اللّطيف درباله
بعد تعيين التجمّعي الحبيب الصيد وزيرا مستشارا لدى رئيس الجمهوريّة الباجي قايد السبسي..
عيّن رئيس الحكومة يوسف الشاهد التجمّعي كمال الحاج ساسي مستشارا لديه..!!
لن أتحدّث عن الحبيب الصيد الذي عزله الباجي من رئاسة الحكومة بعد أن خرج عن طاعة أولي الأمر وهم الباجي وابنه المدلّل حافظ.. ليأتي السبسي بصبيّ العائلة يوسف معتقدا أنّه قريب وصغير ومطيع.. و”على قدّ يديهم” مقارنة بالحبيب.. بعد أن هدّدوا الصيد “بالتمرميد”.. وأهانوه بخروج من الباب الصغير.. فعاد فرحا مسرورا بمنصب الوزير المستشار بقرطاج.. كمجرّد زميل لسليم العزّابي ونور الدين بن تيشة..!! بعد أن كان الصيد رئيسا كاملا للحكومة.. صلاحيّاته وسلطاته تتجاوز صلاحيّات وسلطات الرئيس السبسي نفسه الذي عاد مستشارا لديه..!!!
فتلك طينة خاصّة من المسؤولين صنعتها سياسة بن علي وبورقيبة.. حيث الرجل يرمي نفسه على المنصب ولو من الطابق العاشر.. أيّا كان المنصب.. وبأيّ شكل مُنِحَ..!!!
ولكنّني سأتحدّث عن كمال الحاج ساسي الذي ابتعد عن السياسة منذ سقوط نظام بن علي سنة 2011.. وبقي يصارع تتبعّات قضائيّة في ما عرف بقضيّة حفل المطربة الأمريكيّة “ماريا كيري” الذي نظّمه عماد الطرابلسي ابن أخت ليلى بن علي.. وشهد عمليّة تحويل الأرباح الماليّة من صندوق 26-26 إلى جيب عماد.. بعد أن سخّر كلّ مرافق الدولة لتنظيم الحفل الذي كان خيريّا في الظاهر فقط..!!
وحكم على كمال الحاج ساسي بالسجن النافذ.. مع عدّة مسؤولين آخرين.. لولا أن أنقذه من السجن قانون المصالحة السيّء الذكر.. فتمتّع كمال الحاج ساسي بالعفو باعتباره كان مسؤولا “مغلوبا على أمره” و”نفّذ التعليمات العليا”.. كما تفترضه “فلسفة” وتبريرات هذا القانون.. (!!!)
المهمّ أنّ المناضل يوسف الشاهد المحارب الأوّل للفساد في تونس..
وبطل الحرب على الفساد..
والحاكم الشجاع الذي جعل مستقبله السياسي على حافة الخطر لمجابهة مافيا الفساد في تونس..
والذي كان عليه أن يختار بين تونس والفساد فاختار تونس..
والذي هو “واقف لتونس” بكلّ قوّته..
إلى آخر خطابات البروباغندا تلك..
اختار رئيس الحكومة يوسف “الصالح” إذن.. من 11 مليون مواطن تونسي.. ومن ألف سياسي وسياسي في البلاد.. رجلا تعلّقت به قضيّة فساد كبرى..!!!
ولا يحتاج الأمر بالتأكيد لمزيد التعليق..!!!
طبعا بالنظر إلى تاريخ كمال الحاج ساسي ككاتب دولة سابق في حكومات بن علي.. وكمسؤول كبير في الحزب الحاكم السابق التجمّع الدستوري الديمقراطي.. اهتمّ خاصّة بالشباب.. وعرف عنه نشاطه في التنظيم والتأطير والشبكات والتعبئة.. فإنّ ما يحاول يوسف الشاهد فعله من خلال هذا التعيين على ما يبدو.. هو محاولة تجميع جانب من المعسكر التجمّعي حوله.. واستقطاب التجمعيّين.. سواء بالرمز الحاج ساسي أو بشبكة علاقات هذا الأخير ودفتر عناوينه.. وكذلك ربح تجربة الحاج ساسي في التنظيمات الحزبيّة.. ممّا يعدّ إيذانا باستكمال الشاهد لمساعيه بتكوين قوّة سياسيّة معيّنة.. قد تكون حزبا أو تنظيما أو جبهة أو ما شابه ذلك.. ليخوض بها غمار انتخابات 2019..!!!
وطبعا فإنّ المستشار السياسي الجديد لرئيس الحكومة الذي لن يخدم الدولة بقدر ما سيخدم يوسف الشاهد شخصيّا لتحقيق طموحاته السياسيّة الفرديّة.. ستكون أجرته ومكتبه وطاقم موظّفيه وسيّارته الفارهة ووصولات بنزينه وفواتير هواتفه ومصاريفه العامّة و”عزوماته”.. كلّها على حساب الدولة..!!!
الحرب مشتعلة.. ومشاهد الصراع تتصاعد.. والفرجة تتواصل.. والشعب التونسي المسكين يدفع فاتورة الإنتاج والقاعة والشاشة وتذكرة المشاهدة أيضا..!!!