عبد اللطيف علوي
هو شعب بدائيّ ينحدر من قبائل بني زوالة المتناثرة وراء البلايك والهضاب، يعيش في العشوائيّات وأحياء الصّفيح والقصدير والأرياف النّائية، ويعتقد المؤرّخون أنّه كان في الأصل غبارا بشريّا جمعه المجاهد الأكبر بالمكنسة والنّفّاضة، وخلقه وسوّاه ثمّ نفخ فيه من روحه وفلّى رأسه بعناية شديدة طيلة ثلاثين سنة، ثمّ بنى له المدارس والجسور ومراكز الحرس الوطني والسّجون والخمّارات، ونزع السّفساريّ عن نسائه والجبّة والشّاشيّة عن رجاله وعلّمه كيف يعوم كالضّفدعة في العرق أو في طفح المجاري، وعلّمه أيضا كيف يتأقلم مع جميع الظّروف الصّعبة ويتكيّف بسهولة من الأرتي والحلّوزي إلى حشيشة البرّاد والماريخوانا والقنّب الهنديّ.
وهو شعب متضامن للغاية ويحبّ الفرح والقلوب التركيّة ومبعوث العناية الإلهيّة، كما يحبّ الرّقص على لسعات النّاموس طيلة اللّيل، والرّبوخ طيلة أيّام الأسبوع على السّطوح إلى الصّباح، أمّا في النّهار فيشتغل الكثيرون منهم بالنّوم الثّقيل المضني أو بركركة الشّاي في حضائر البناء أو بشيّ الحلبة والقمح والحمّص في الصّيف القائظ لصنع البسيسة الدّياريّ، أو بنسج حبائل الفتن بين الجيران والتّلصّص من وراء النّوافذ.
والشعب الزوالي هو شعب فقير جدّا يشتكي دائما من الغلاء والوباء والفناء وقلّة الحياء والجوع والعراء والتّعب والشّقاء، لكنّه لا يفوّت حفلة من حفلات أمينة ولا كاظم السّاهر حتّى ولو كلّفه الأمر شراء التّذاكر من السّوق السّوداء بمئات الدّنانير، يملأ الشاريوهات بلهفة من المغازات الكبرى كأنّه مقبل على فناء العالم، ويشتري أغلى الهواتف والدّجينات والسّبادريّات لأبنائه كي لا يشعروا بالنّقص وكي يستمتعوا بالحياة مثل أندادهم، كما لا تفوته صلاة الجمعة ولا سكرة ليلة السّبت ولا كبش العيد الأقرن المميّز عن كلّ كباش الحيّ. أمّا في أعراسه فإنّك ترى العجب في رجب، حيث تكتري العروس الزّوالية المسكينة روبة الحنّاء بمليون وروبة التّصديرة بمليونين وتدفع للحنّانة مئات الدّنانير وللحلاّقة آلاف الدّنانير وللفرقة لحم اليهود وشحم المسلمين ويدفع العريس للصّالة خمسة ملايين ويشتري الحليّ بخمسة أخرى ويتكلّف عرس الزّوّالي الفقير ما بين 10 ملايين وعشرين مليونا يحكّ مليونا، لأنّها فرحة العمر أو هي ليلة العمر كما قيل في رواية أخرى، والجميع يكرهون وسخ الدّنيا ويعرفون أنّ الفائدة في الهناء والرّخاء للعنكوش.
هذا وتؤكّد كلّ البحوث والدّراسات أنّ السّبب الرّئيسيّ لتميّز هذا الشّعب عبر تاريخه الطّويل الحافل بالبطولات والشّيخات، هو في ثقافته الألمعيّة الّتي استمدّها من الفكر البورقيبيّ النّيّر، حيث تكوّنت لديه باقة من الشّعارات العظيمة يتوارثها الأبناء جيلا بعد جيل، مثل “بقلة ليها”، و”دزّ النّحّة”، و”ارقد في الثّنيّة” “وكان خلات زيدها لصّ”، “والكلب اللّي يقطّعك من الواد آش يهمّك من نتونته”، والخنقة مع الجماعة خلاعة” و”عاش ما كسب مات ما خلّى” و”ناي خرجت منك يا كرش أمّي إن شاء الله تجيبي عفريت” “وبوس اللّفعة من فمّها” و”من مات على شبعة مات مرحوم”، “واللّي يركب على بهيم يحمل بصّه”.
وقد وقع اختصار كلّ هذه المآثر العظيمة مؤخّرا في شعار واحد جامع مانع :
“انتخب النّخلة تونس تخلى”.
#عبد_اللطيف_علوي