مرحلة “تمرميد الممارسة النقابية”
عايدة بن كريّم
البارح في المترو طلعوا أربع “رهوط” *… انطلقوا في الحديث بصوت مُرتفع حتى يستمع جميع من في العربة… كانوا يحكوا على الإضراب متاع المترو وعلى الإتحاد وين وصّل البلاد وعلى ضرورة التصدّي للنقابات ثمّ جبدوا على حكاية المعامل التي أغلقت أبوابها وسرّحت العمال بسبب الإضرابات و”يستاهلوا ويمشوا للإتحاد يخدّمهم” و”الإتحاد خرب البلاد” و”المناظرات ينجح فيها كان اولاد النقابيين”… أحدهم قال “هي امريكا إلّي تحكم في العالم ما عندهاش قطاع عمومي كلّه قطاع خاص هاكة علاش تقدّموا وأحنا بقينا شادين في العمومي”…
•••
هذا هو المطلوب في هذه المرحلة: التشكيك في الإتحاد والترويج لإيجابيات الخوصصة والدفاع على سرّاق المال العمومي من رجال المال والأعمال… تجريم النقابيين وتخوين المضربين حتى يُصبح “الطالب” “مطلوبا”… ويكون المُهيمن عليه مُدافعا شرسا على مشروعيات الهيمنة… ولما لا هو من يؤسسها ويبني مشروعياتها.
مرحلة ستكون بطعم “التوحّش” و”التلبرل” و”التعولم”… سيُصبح الحق باطلا والباطل حقا… سيُدافع الكادحون على منظومة سحقتهم وستدعوا الطبقة المسحوقة إلى تحطيم المعبد الذي يُفترض أن يُدافع على ما تبقّى من كرامتهم المهدورة في معامل ومصانع بُنيت على جماجمهم….
سيكون الذبح بسكينة “المصلحة الوطنية” والسلخ بمشرط “التجاذبات” والعلاج بـ”الكي”… (التفريط في المرفق العمومي).
سنشهد أحلك مرحلة: بعد أن انتهت مرحلة “تشليك الممارسة السياسية” وتعويم استحقاقات الثورة وتهنتيل المُعارضة… سنعيش مرحلة “تمرميد الممارسة النقابية”… من أجل تمرير “برامج الإصلاح” الموهومة…
تركيع الإتحاد وإفراغه من مضامينه النقابية والعبث برمزيته واستعمال المرافق العمومية لتشويه النقابات وصناعة “الوقائع” من أجل إدانة “القطاع العمومي” ودفع أولاد الحفيانة إلى تبني فكرة “الخوصصة” وجعلهم يُدافعون على منظومة ذبحهم من الوريد إلى الوريد هي شرط شروط النجاح في إدارة الشأن العام… هي آليات للوصول إلى انتخابات 2019 دون سياسة ودون مُعارضة ودون اتحاد ودون شغّالين… ودون مُشترك يحتمي تحته المُجتمع…
شرط شروط دعم الصناديق والبنوك الدولية لمن “سيحكم” هي اختبار قدرته على لبرلة المُجتمع وإفراغه من القيم ذات المضامين النضالية-الإجتماعية.
احذروا أن تفقؤوا أعيننا بأصابعكم المرتعشة…
•••
معنى رهط في اللغة العربية:
* {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ}.
* رَهْطُ الرجل قومه وقبيلته والرَّهْطُ ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة قال الله تعالى {وكان في المدينة تسعة رهط}…
باللهجة التونسية نقول “رهوط”… وأنا قصدت “رهط”.