عن ضرورة التحالف السني الدرزي

فهد شاهين
لماذا الدروز ؟
1. منذ العام 1800م استثمرت فرنسا بشكل علني بالكاثوليك في بلاد الشام والأقباط بمصر، ومنذ العام 1840 بدأت بريطانيا تبني كنائس بروتستنتية في بلاد الشام تحديدا ولبنان وفلسطين خاصة لتكون قاعدة لها للسيطرة على هذه المنطقة.
2. في المقابل وبعد معارك روسيا القيصرية مع الدولة العثمانية وبين أعوام 1772-1778م حصلت روسيا على امتيازات لرعاية الكنائس الارثوذكسية في بلاد الشام ولنلاحظ هنا أن الأسطول الروسي وصل سواحل بيروت في العام 1772م.
3. في حملة نابليون وهو على أسوار عكا أرسل رسائل لمسيحيي الناصرة ولبنان ودمشق لأجل التحالف معهم بعد تحقيق النصر ولإقامة إمارات مستقلة عن السلطنة العثمانية يحكمها مسيحيو لبنان والشام.
4. سنلاحظ أنه بعد اتفاق لندن في العام 1841 والذي حدد قوة وعدد الجش المصري أن النفوذ الفرنسي والبريطاني زاد بشكل مباشر في بلاد الشام حيث عززت فرنسا تواصلها مع الكاثوليك. (هي تتواصل معهم منذ العام 1541 بالإتفاق مع سليمان القانوني) وزادت بريطانيا عملها التبشيري لنشر البروتستنتية في بلاد الشام مع اتصال مع دروز لبنان وسوريا.
5. بداية من العام 1860 انتبه الفرنسيون للعلويين في الساحل الشامي وتواصلوا معهم بشكل أوسع وأكبر حيث وجودوا لديهم القابلية الأكبر للتعاون مع فرنسا خاصة أن كاثوليكي الشام وأقباط مصر قد انقسموا حول التعاون التام مع فرنسا.
6. لنلاحظ هنا أن الجغرافيا كانت لها دور أكبر.. فمثلا مسيحيو الساحل تعاونوا مع فرنسا وروسيا وبريطانيا أكثر من مسيحيي الداخل.. فكلما تعمقنا في العمق السوري كانت الأمور أصعب على فرنسا وبريطانيا.
7. هنا نلاحظ أيضا أن فرنسا استمرت على العمل باتجاهين أحدهما تعزيز العلاقة مع الكاثوليكيك عبر بناء مدارس ومستشفيات ومصحات لهم كي يتأهلوا لحكم بلاد الشام.. وبنفس الوقت دعم العلويين وتأهيلهم أيضا ليكونوا لبنة الجيش السوري المقاتل ضد الدولة العثمانية.
8. باستثناء مارونيي لبنان لم يكن كاثوليك أو أرثوذوكس أو أقباط مصر يحملوا أحقادا دينية أو تاريخية أو عقائدية ضد (الإسلام السني) وعلى العكس من ذلك تماما وجد الفرنسيون ضالتهم عند شيعة لبنان وعلويي سوريا.
9. عمليات التسليح التي قامت بها بريطانيا لتأسيس جيش درزي معادي للدولة العثمانية فشلت فشلا ذريعا بل استخدم هذا السلاح في فتنة طائفية بين أعوام 1860-1861 قتل على إثرها عشرات الآلاف من مسيحيي ودروز لبنان وسوريا.. حيث أثبت قادة الدروز وطنية معهودة عبر مواقفهم في أنهم لن يكونوا بندقية مأجورة ضد الدولة العثمانية لصالح بريطانيا أو ضد الدولة العربية الوليدة في سوريا ويكفي التذكير بأسماء مثل الأمير شكيب أرسلان وسلطان الأطرش.
10. لو أن دروز سوريا قبلوا بدويلة الدروز في السويداء لبقيت سوريا تحت الحماية الفرنسية ولكان هناك دولة الدروز في بلاد العرب.. ففي الوقت الذي ساندت فيه فرنسا دولة العلويين على الساحل الشامي بين أعوام 1928-1936.. كان الدروز هم أول من قاتل الفرنسين.. وإن كانت الثورة السورية انطلقت بنداء سلطان باشا الأطرش (الدرزي) الشهير.. فإن جبل العرب لم يتوقف عن مقاتلة الفرنسيين خلال أعوام 1920-1925 بينما كانت ربوع سوريا هادئة إلا بمعليات قليلة في إدلب يقودها إبراهيم هنانو أو القواقجي في حماه.
11. هنا نفهم أن الدروز ناهيك عن كونهم عرب أقحاح لخميين من اليمن أو أرسلانيين وجنبلاطيين من مملكة الحيرة.. فإن المستعمر الأوروبي لم يجد عندهم عقيدة باطنية ضد الإسلام (السني) أو أحقادا تاريخية أو ثارات دماء كما وجد ذلك بوضوح عند علويي سوريا أو مارونيي وشيعة لبنان حيث تفردا عن غيرهم باستقبال الدبابة الفرنسية.
12. هنا نفهم أن أعوام 1920-1936 أوضحت الطبيعة القومية والوطنية والعروبية الحقيقية لبني معروف دروز السويداء.. فد قدموا آلاف من الشهداء في قرى ومدن جبل العرب قبل أن يعلن الدكتور عبد الرحمن الشهبند أو حسن الخراط ثورة دمشق وغوطة دمشق.
13. إن من السخافة والسذاجة إغفال تاريخ الدروز القومي والعربي والجهادي خاصة أثناء الثورة السورية بين أعوام 1920-1936.. بينما كان مسيحيو لبنان يرتبون مع المحتل الفرنسي أسس انفصال لبنان عن سوريا وتفاصيل تسليم لبنان رئاسة وحكومة للمارونيين.. وموازاة ذلك بالحرص على دولة عربية قومية..
14. باستعراض أو جرد بسيط للأقليات في بلاد الشام.. فإننا سنجدها حاليا أقليات تغريبية أي تتبع للغرب سواء أوروبا أو روسيا وهذا ينطبق على النسبة الأكبر من مسيحي المشرق أو باطنية حاقدة مشبعة بأساطير من الحقد الديني والتاريخي وهذا ينطبق على العلويين والشيعة الذين يمكن أن يتحالفوا مع كل مستعمر كسلوك طبيعي بل امتداد تاريخي.
15. إن فصل الدروز عن الأمة العربية هو أكبر هدية نقدمها لإسرائيل التي عملت على استثمار أقلية من الدروز في فلسطين لصالحها في دور تكميلي لما فشلت فيه فرنسا وبريطانيا من قبل… فهل نكافئ الدروز الذين وقفوا معنا عبر التاريخ بسبب تصرف قلة منهم في فلسطين علما أن المستعمر يتقصد إبرازهم كعدو لنا جميعا بل كعدو لأبناء جلدتهم في سوريا ولبنان.
16. الدروز هم الأقلية الوحيدة التي ترى أن تطور العرب ونهضتهم نهضة لهم.. فالشيعه يرون دولتهم إيران.. والمارونية اللبنانية لا يقلقها من العيش في لبنان إلا تذكرتي سفر واحدة في الصيف وأخرى في الكريسمس إلى باريس ومع الهجمة الروسة البربرية على سوريا وجدنا الجسم الأرثوذكوسي الأكبر يعتبر دولته روسيا آما العلويين فدولتهم سوريا المنكوبة المهدمة المنهوبة.. فلم يبق إلا الدروز ذوو أصل تاريخي وعقدي أصيل.

Exit mobile version