الإعلام يقود البلاد إلى حرب أهلية
عايدة بن كريّم
تشاهد بلاتوهات القنوات التلفزية وتسمع ما يقوله الخبراء والمُحلّلون والسياسيون يحصل لديك انطباع وحيد أنّ تونس “باركة” والناس “جائعة” وغدوة الشعب باش يفترس بعضه… وأنّ التحوير الوزاري سيأتي بالصيد من وذنيه… وذهاب الشاهد سيفتح أمامنا مغارة علي بابا… تسمع كان الدينار طايح والأزمة خانقة والبلاد ماشية للهاوية وقادمين على وضع كارثي…
•••
تسكّر التلفزة وتُخرج تعمل دورة في شوارع العاصمة: القهاوي معبّية والمطاعم بالصفّ وباعة السندويتشات ما تلقاش فيهم الطريق (من شارع بورقيبة للبحيرة للمنازه للنصر لحمام الأنف لبرج السدرية لسليمان لنابل لحممات…)… والشوارع مليانة بالسيارات أغلبها بعد 195. والتروتوارات تعبات أكثر من الكياسات…
أغلب الشباب عندهم بورتابل من النوع الغالي (+400د) وعندهم طابلات وأيفون… الناس الكلّ connecté وتستهلك على الأقل (2د) في اليوم تاليفون… وأغلب نساء تونس ورجالها حاطين على رؤوسهم نظّارات شمسية من النوع signé (ما نحكوش على بو ضرّوح)…
في كلّ حومة عدد كبير من حوانيت بيع الماء المعدني وكماين التزويد دائما الحبل على الجرارة وموش لاحقين وكلّ يوم ماركة جديدة… والناس ما عندهاش مُشكل تشري الدبوسة بـ (600م)… تمشي للمغازة العامة في حومة متوسّطة أقلّ شاريو فيه 100د… والصف على الغلاسون والبيرة بضرب البونية.
تمشي لحفل زفاف عائلة متوسطة: العشاء المزمّر متكلّف على أصحاب العرس بـ3000 د والناس ولاّت ما تحبش تطيّب تتعاقد مع traiteur والبلاتو بـ 19 د. السهرية: الصالة والفرقة والحلو متكلّفة بـ5 ملاين… أقلّ كراء كسوة عروسة بـ 600د وأقلّ حجّامة عروسة بـ 600 د… أغلب الحضّارات كارين فساتين أفلّها بـ 150د وعاملين ماكياج بـ 45د (متحجبات)… سيّارة ليموزين الساعة بـ 400د…
تمشي لسوق المنصف باي يقولون لك الكليماتيزورات أكثر حاجة خارجة هذه الأيام موش لاحقين على الطلب… ما فمّاش دار ما فيهاش كليماتيزور كان موش زوز… وما فيهاش بلازما كان موش زوز… وبمناسبة كأس العالم الناس كالمجانين على Bein.
تمشي للبحر ما تلقاش طريق في ديار المصيف والكراء أقلها اليوم بـ50د… ويلزمك تعربن قبل بشهرين باش يجي طريقك… وشوف وشوف.
هذا الكلّ نحكي على الطبقة الوسطى… ما نحكيش على جماعة سيدي بوسعيد والمرسى والحمامات وجماعة يصيّفوا في إسبانيا ويسهروا في بواتا في الحمامات يصرفوا 300د في الليلة وتاليفوناتهم بمليون وحقائب يد نسائهم بـ500د … وأعراسهم في النزل 5 نجوم وعروستهم كسوتها بـ 3000د وحجامتها بـ 2000 د وشهر العسل في التايتي…
في المقابل موجودة فئة مسحوقة وقاصّين عليها الماء وأحيانا يقصّوا عليها الضوء وكان لزم يقصّوا عليهم الهواء… لكن كان باش نحكوا عليها وقتها مُقاربة التحليل تتغير وزاوية النظر نخرجوها من بلاتو نسمة ولا نتحدّث على بلاد ماشية للهاوية لأنّ الشاهد داعمته النهضة أو عن وجود أزمة اقتصادية بسبب عدم الإستقرار السياسي المتسببه فيه نتائج الإنتخابات البلدية… ولكن يلزمنا نحكي على سياسيين بخياراتهم اللاّ-وطنية وسيرهم خلف منظومة ليبرالية مُعولمة ودعمهم لرأس المال المُتوحّش هازين البلاد نحو المجهول… يُمكن نعمل بلاتو على اللاّ-عدالة في توزيع الثروة أو على إهدار المال العمومي أو على توحّش رؤوس الأموال وتغوّل رجال الأعمال… ويُمكن نسأل وينو البترول؟ وعلاش لم يقع استرجاع الأموال المنهوبة؟ أما نحكوا على شعب ميّت بالشر وموش لاقي ياكل بسبب خيارات الحكومة الحالية أو بسبب القرض إلّي جابو زياد العذاري فهذا مُخالف للواقع…
•••
تأكل وتصيّح…
الخراب فقط معشّش في عقول السياسين والقحط صناعة قنوات الإنقلابات الإفتراضية… والإعلام باش يهزّ البلاد لحرب أهلية…