عبد القادر عبار
لا يمكن لأحد أن يمنع أحدا من التوبة.. فالتواب هو الله سبحانه
الموقف المفاجئ الذي تبرّأ فيه “الجورشي” -تاسع الثمانية- على حد تعبير الأستاذ نور الدين غيلوفي.. من لجنة الحريات وأعلن عقوقه لها وقطع رحمه بها.. معلنا توبته مما تورّط فيه..
هذا الموقف ذكّرني بموقف توبة “المرحوم خالد محمد خالد” عندما فاجأ الناس في أحد معارض الكتاب بالقاهرة في أول التسعينات بإصداره كتابا صغير الحجم يحمل عنوان “الدولة في الإسلام” معلنا فيه توبته الثقافية والفكرية من موقفه الذي امتد عدة عقود وكتب فيه كتبا منها.. “مواطنون لا رعايا”.. و”الديمقراطية أبدا” و”من هنا نبدأ” و زعم فيها أن الإسلام لا دخل له في السياسة ولا أطروحة له في الحكم..
وإشكالية توبة المثقف مردّها أن أفكاره وأطروحاته ومواقفه تكون قد تسرّبت وهُضِمت واستُهلِكت وتبنّاها من يساندها.. فتوبته لن يكون باستطاعتها محوها أو سحبها من العقول والأسواق.
و”الجورشي”.. وكان من الحاضرين والمساهمين والممضين والمحبّرين للتقرير المشئوم يفاجئ الناس بتوبته وتبرّئه من “رهط التحليل والتحريم” زاعما أنه إستعاد وعيه واستيقظ ضميره وفتحت بصيرته.. ولكن (وهو ما لم يقله) بعد ما أفزعته ضربات طبول المحتجين.. وأربكه صهيل خيل المندّدين.. ويتوب الله على من تاب.