تدوينات تونسية

مجرّد وزير مكلّف بالعلاقة

عبد اللطيف علوي
في عهد بورقيبة، كان فمّه حاجة اسمها: “وزير مكلّف بمهمّة لدى رئيس الجمهوريّة” أعتقد أنّها كانت من اختصاص علاّلة العويتي فيما أذكر.
وكان خيالنا، قاتله الله، يحملنا إلى تخمينات وتكهّنات كثيرة وخطيرة حول طبيعة تلك المهمّة الغامضة، الّتي لا يذكرونها أبدا ولو بالتّلميح، ولم تكن تخميناتنا في كلّ الأحوال بريئة أبدا. إذ كان ذلك الغموض العجيب المريب الّذي يلفّ تلك المهمّة، يغرينا بأن نتوسّع أكثر في إسناد جميع الخدمات السّرّية والمهمّات التّحتيّة والرّخص الاستثنائيّة الممكنة إلى ذلك الوزير “السّعيد الحظّ”. 
اليوم أسمع عن استقالة مهدي بن غربية، وأحاول أن أتذكّر الوزارة التي كان يشرف عليها، فلا تسعفني الذّاكرة، وأهرع إلى قوقل، فأجده كان وزيرا مكلّفا بالعلاقة مع المجلس ومنظمات المجتمع المدنيّ ودرا شنوّة ودرا كيفاش.
تي ماو قولو وزير مكلّف بالعلاقة واكاهو.. ياخي جايين نسألوا فيكم احنا شنوّة نوع العلاقة ولاّ في التّحصّل معناها نحاسبوا فيكم عليها؟؟؟ أمورنا الكلّ بالثقة وربّي يطيّب عشرتنا ديما في الحلال..
الغريب أنّ بعض النّاس يحاولون أن ينصبوا لها طاولة وكراسيّ، ويتحدّثون عن أزمة حكومية ويحلّلون الأبعاد والخفايا، والحقيقة أنّ هذه الوزارة من نوع الوزارة المذكورة أعلاه، إذ هو باختصار مجرّد وزير مكلّف بالعلاقة، لا أكثر ولا أقلّ…
يعني وزير بمهمّة تعيسة غامضة فارغة موسميّة تطرح بمناسبة إيداع مقترح قانون لدى المجلس، ولا شيء غير ذلك. يهزّ دوسي للمجلس، ويرجع يضرب النّوم ويضرب امتيازات الوزراء. مهمّة يستطيع أن يقوم بها أيّ موظّف درجة عاشرة في أيّ مكتب أرضيّ من أيّ وزارة. وبعد ذلك يأتي سيدنا الوزير ليعلن عن استقالته في هيلمان دعائيّ، وبيرو وعلم وكاميرا HD تصوّر فيه، وهو يهتزّ ويترجرج على كرسيّه الهزّاز، ويشكر رئيس الحكومة، ويبيّن أسباب الاستقالة، التي هي كالعادة، من أجل خدمة المصلحة العليا للوطن والبلا بلا بلا…
سي مهدي برّا ربّي يعينك. بصراحة أنت وسي هياد الدهماني عمرنا ما اعتبرناكم وزراء يعملو في حاجة. أنا كنت دائما أراكما مجرّد صدقة أو نوع جديد من الزّكاة تدفعها هذه الحكومة من جيوبنا لسيادتكم لا أكثر ولا أقلّ …
يا سيدي برّا السّماح في عشرات الملايين متع شهرياتك السابقة وبونوات الايسونس والكراهب والامتيازات الأخرى الكلّ… السّماح وبرّا ارجع لعلاقاتك الأصلية الصحيحة المكلّف بيها خارج الحكومة. أنا لا أتذكّر لك إنجازا واحدا في هذه المحكومة سوى زرع شعر رأسك، وبإمكانك الآن أن تتفرّغ لسقيه جيّدا وحصده بعد ذلك ثمّ تتفرّغ لكتابة مذكّراتك حول مهمّاتك الغامضة للأجيال القادمة.
#عبد_اللطيف_علوي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock