القاضي أحمد الرحموني
بعض رؤساء البلديات الجدد انطلقوا -في تدشين مسؤولياتهم الجديدة- بأفلام قصيرة ! :
1. شيخة مدينة تونس تشارك عمال النظافة في حملة «بيك إنتي وأحنا: تونس تولي أحلى». وظهرت في الصورة وهي تدفع إحدى الحاويات!.
2. رئيس بلدية مرناق يشارك في حملة نظافة بالمسلخ البلدي وظهر في الصورة وهو يساعد في عملية التنظيف عبر سكب قارورة الماء على أحد الجدران!.
3. رئيس بلدية المروج يشترك مع عمال النظافة والبيئة في وضع وغراسة نباتات الزينة وظهر في الصورة وهو يضع اصبعه على “المحبس”!. وقس على ذلك مبادرات غيرهم من رؤساء البلديات الأخرى.
والذي يمكن أن نؤكده أن هذا السلوك في حد ذاته ليس جديدا ولا حتى ذكيا وليس في حاجة إلى الدفاع عنه أو الهجوم عليه!. وفي الأخير ماذا كان يفعل المسؤولون ولا زالوا في عيد الشجرة منذ بداية الإستقلال!؟ وكذلك الزيارات “الفجئية” التي كانت تنظم لبن على -خصوصا في بداية حكمه- سواء لبعض الجهات أو المؤسسات العمومية والتي تواصلت بعض الثورة مع بعض رؤساء الحكومات (خصوصا في حملات النظافة).
ولاشك -مهما كانت التبريرات- إن هذا السلوك “الإستعراضي- الدعائي” (الساذج في جوهره) يرتبط سياسيا بالأنظمة “المغلقة” أو الإستبدادية ويستعيد -تاريخيا- ممارسات الإتحاد السوفياتي السابق وما كان شائعا بتونس في فترة التعاضد.
لكن -وبقطع النظر عن الأسباب العامة- ماذا كان يدفع ولازال بصفة شخصية هؤلاء المسؤولين إلى السقوط في مثل هذا “السلوك الخشبي”!؟.
ربما كان التفسير الأرجح يكمن في أن هذا الأمر (بمعنى المسوؤلية وليس السلوك) جديد وكما يقال في المثل العربي القديم (لكلِّ جديد لذَّة)!. وتروى في سياق هذا المثل حادثة لأبي العيناء (الإخباري والأديب المشهور- توفي في 282 هجري) الذي صار يوماً إلى باب الوزير صاعد بن مخلد فاستأذن عليه فقيل: هو مشغول بالصلاة، ثم استأذن بعد ساعة فقيل له كذلك فقال: “لكل جديد لذة”!، وقد كان صاعد قبل الوزارة نصرانياً.